فصل
ما ذكرناه أولا ، كلام جملي في مواضع استمرار النكاح بعد الإسلام وعدم استمراره . والمقصود الآن ، بيان شرط الاستمرار .
فإن لم يقترن شيء من مفسدات النكاح بالعقد الجاري في الشرك ، ولا بحالة عروض الإسلام ، فهو مقرر عليه . فإن كانوا يعتقدون فساد شيء من ذلك ، لم نبال باعتقادهم ، وأدمنا ما هو صحيح عندنا . وإن اقترن به مفسد ، نظر ، إن كان زائلا عند الإسلام ، وكانت بحيث يجوز نكاحها حينئذ ابتداء ، استمر عليه ، إلا إذا اعتقدوا فساده وانقطاعه . وإن كان المفسد باقيا وقت الإسلام ، بحيث لا يجوز ابتداء نكاحها ، فلا تقرير ، بل يندفع النكاح ، ويتخرج على هذا الضابط مسائل .
إحداها :
عقدا بغير ولي وشهود ، أو أجبر البكر غير الأب والجد ، أو أجبرت الثيب ، أو راجع في القرء الرابع وهم يعتقدون امتداد الرجعة إليه ، فيقر عليه ، إذ لا مفسد عند الإسلام ، ونكاحها الآن جائز .
ولو
نكح أمه أو بنته ، أو زوجة أبيه أو ابنه ، أو مطلقته ثلاثا قبل التحليل ، اندفع النكاح عند الإسلام ، لأنه لا يجوز ابتداؤه .
[ ص: 146 ] ( المسألة ) الثانية : (
نكح ) معتدة غيره ، فإن كانت العدة باقية عند الإسلام ، اندفع النكاح ، وإلا استمر . وخص صاحب " الرقم " هذا التفصيل بعدة النكاح ، قال : وفي عدة الشبهة يقران وإن كانت المدة باقية ، لأن الإسلام لا يمنع دوام النكاح مع عدة الشبهة ، ولم يتعرض الجمهور لهذا الفرق ، وأطلقوا اعتبار التقرير بالابتداء . ولو كان نكحها بشرط الخيار لهما أو لأحدهما مدة مقدرة ، فإن كانت المدة باقية عند الإسلام ، اندفع النكاح ، وإلا ، استمر كالعدة ، وسواء قارن بقية العدة أم مدة الخيار إسلامهما أو إسلام أحدهما ، حتى لو أسلم أحدهما والعدة أو المدة باقية ، ثم أسلم الآخر وقد انقضت ، فلا تقرير ، كذا قاله
الصيدلاني ، والإمام ،
nindex.php?page=showalam&ids=14847والغزالي ،
والبغوي ، لأن المفسد لاقى إسلام أحدهما فغلب الفساد . وعن القاضي
حسين : أن المؤثر اقترانه بإسلامهما ، فإن اقترن بإسلام أحدهما فقط ، لم يندفع النكاح ، لأن وقت الإمساك والاختيار هو حال اجتماعهما مسلمين ، والأول أصح .
[ المسألة ] الثالثة :
النكاح المؤقت ، إن اعتقدوه مؤبدا ، أقروا عليه . وإن اعتقدوه مؤقتا ، لم يقروا ، سواء أسلما بعد تمام المدة أو قبلها ، لأن بعد المدة لا نكاح في اعتقادهم ، وقبلها يعتقدونه مؤقتا ، ومثله لا يجوز ابتداؤه .
[ المسألة ] الرابعة : غصب حربي أو مستأمن امرأة واتخذها زوجة وهم يعتقدون غصبها نكاحا ، قال
القفال : لا يقر ، إذ لا عقد . والصحيح التقرير ، إذ ليس فيه إلا إقامة الفعل مقام القول ، فأشبه سائر وجوه الفساد . ولو غصب ذمي ذمية ، لم يقر ، لأن على الإمام دفع قهر بعضهم بعضا ، بخلاف الحربي والمستأمن .
فرع
إذا أسلما ، لم يبحث عن شرط نكاحهما في الابتداء ، لأنه أسلم خلائق فلم
[ ص: 147 ] يسألهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شروط أنكحتهم ، وأقرهم عليها . وأما في حال الإسلام ، فالوجه : الاحتياط .