فصل
المراد بالإعفاف ، أن يهيئ له مستمتعا ، بأن يعطيه مهر حرة ينكحها ، أو يقول : تزوج وأنا أعطي المهر ، أو يباشر النكاح بإذن الأب ويعطي المهر ، أو يملكه جارية تحل للأب ، أو ثمن جارية . وسواء كانت الحرة المنكوحة مسلمة أو كتابية ، وأومأ
الروياني إلى وجه [ أن ] الكتابية لا تكفي وهو شاذ ، وليس للأب [ أن ] يعين النكاح ، ولا يرضى بالتسري ، ولا إذا اتفقا على النكاح أن يعين رفيعة المهر لجمال أو شرف . ولو اتفقا على مهر مقدر ، فتعيين المرأة إلى الأب ، ولا يجوز أن يملكه أو يزوجه شوهاء ، أو عجوزا ، ثم على الولد أن ينفق على زوجة الأب أو أمته ويقوم بمئوناتها . ولو أيسر الأب بعدما ملكه الولد جارية أو ثمنها ، لم يكن له الرجوع ، كما لو أعطاه نفقة فلم يأكلها حتى أيسر . ولو كان تحته صغيرة أو عجوز ، أو رتقاء ولم تندفع حاجته ، فالقياس وجوب الإعفاف ، وأنه لا يجتمع عليه نفقتان . ولو ماتت الأمة التي ملكه إياها ، أو الحرة التي تزوجها ، أو فسخت النكاح بعيبه ، أو فسخ بعيبها ، أو انفسخ بردة
[ ص: 217 ] أو رضاع ، بأن أرضعت التي نكحها صغيرة كانت زوجة له ، وجب على الولد تجديد الإعفاف كما لو دفع إليه نفقة فسرقت منه . وقيل : لا يجب ، والصحيح الأول .
قلت : قال الإمام : ولو فرض الإعفاف مرارا ، أو بموت الزوجات ، تجدد الأمر بوجوب الإعفاف ما دامت الحاجة ، ولا ينتهي ذلك ، وإن كثر تكرار الإعفاف . الله أعلم .
فلو طلقها أو خالعها ، أو أعتق الأمة ، فإن كان لعذر من شقاق أو نشوز أو غيرهما ، وجب التجديد على الأصح ، وإلا فلا . وفي " التتمة " وجه ، أنه إذا طلق ، لزمه أن يزوجه مرة أخرى ، أو يسريه . فإن طلق ثانيا ، لم يزوجه بعد ذلك بل يسريه ، ويسأل الحاكم الحجر عليه لئلا ينفذ إعتاقه . وإذا وجب التجديد ، فإن كانت بائنة ، لزم التجديد في الحال ، وإن كانت رجعية ، لم يجب إلا بعد انقضاء العدة .
فرع
إذا قلنا : لا يجب الإعفاف ، فللأب المحتاج أن ينكح أمة . وإن أوجبناه ، فوجهان . أحدهما : يجوز لأنه غير مستطيع حرة وخائف العنت . وأصحهما : المنع ; لأنه مستغن بمال ولده . فإن قلنا بالأول ، حصل الإعفاف بأن يزوجه أمة .