[ ص: 276 ] السبب السادس : مخالفة الآمر لا يشترط في إذن المرأة حيث يعتبر إذنها تقدير المهر ، ولا ذكره . لكن لو
قدرت فقالت : زوجني بألف مثلا ، فزوجها الولي أو وكيله بخمسمائة ، لم يصح النكاح ، وألحق
البغوي بهذه الصورة ما إذا زوجها الولي بلا مهر أو مطلقا . وقيل : في صحة النكاح في صورة الولي قولان . ولو
قالت لوكيل الولي : زوجني ولم تتعرض للمهر ، فزوجها بدون مهر المثل ، فسد النكاح على المذهب . وقيل : قولان . أحدهما : يفسد . والثاني : يصح بمهر المثل . وذكر
البغوي هذين الطريقين فيما لو وكل الولي بالتزويج مطلقا ، فزوج الوكيل ونقص عن مهر المثل . وإذا قلنا : لا يصح نكاح الوكيل إذا نقص عن مهر المثل فلو أطلق التزويج ولم يتعرض للمهر ، ففيه احتمالان للإمام . أحدهما : لا يصح النكاح أيضا ; لأن الإطلاق يقتضي ذكر المهر عرفا . وأصحهما : يصح مهر المثل ; لأن فعله مطابق للإذن . ولو أذنت للولي في التزويج مطلقا ، فزوج بدون مهر المثل أو بلا مهر ، فهل يبطل النكاح أم يصح بمهر المثل ؟ فيه القولان السابقان في السبب الخامس .
أظهرهما : الصحة . وقيل : يفسد قطعا كالوكيل . ولو
قالت للولي أو للوكيل : زوجني بما شاء الخاطب ، فقال المأذون له للخاطب : زوجتكها بما شئت ، فإن لم يعرف ما شاء الخاطب ، فقد زوجها بمجهول ، فيصح النكاح بمهر المثل . وإن عرف ، فوجهان . أصحهما : صحة المسمى لعلمها به . والثاني : يصح النكاح بمهر المثل ، وبه قال
القاضي حسين لإبهام اللفظ .
قلت : هذا المذكور في هذا السبب ، هو طريقة الخراسانيين . وأما العراقيون فقطعوا بصحة النكاح في كل هذه المسائل . قال صاحب " البيان " : إذا أذنت
[ ص: 277 ] في التزويج ، فزوجها وليها بلا مهر ، أو بدون مهر المثل ، أو بدون ما أذنت فيه أو بغير جنسه ، أو زوج الأب البكر الصغيرة أو الكبيرة بلا مهر أو بأقل من مهر مثلها ، أو وكل بعلا فزوجها بلا مهر ، أو بأقل من مهر مثلها ، فقال أصحابنا البغداديون : يصح النكاح في كل الصور بمهر المثل . وحكى الخراسانيون قولين في صحة النكاح في جميع ذلك . والله أعلم .
فرع
قال الولي للوكيل : زوجها من شاءت بكم شاءت ، فزوجها برضاها بغير كفء بدون مهر المثل ، صح . ولو قال : زوجها بألف فزوجها بخمسمائة برضاها ، قال
المتولي : الصحيح صحة النكاح ; لأن المهر حقها . وقيل : لا يصح لأنه باشر غير ما وكل فيه .
فرع
جاء رجل وقال : أنا وكيل فلان في قبول نكاح فلانة بكذا ، فصدقه الولي والمرأة ، وجرى النكاح ، وضمن الوكيل الصداق ، ثم إن فلانا أنكره وصدقناه باليمين ، فهل يطالب الوكيل بشيء من الصداق ؟ وجهان . أحدهما : لا ; لأن مطالبة الأصل سقطت والضامن فرعه . وأصحهما وهو محكي عن نصه في " الإملاء " :
[ ص: 278 ] أنه يطالب بنصف الصداق ; لأن المال ثابت عليهما بزعمه ، فصار كما لو قال : لزيد على عمرو ألف وأنا ضامنه ، فأنكر عمرو ، يجوز لزيد مطالبة الضامن .
فرع
في " فتاوى
البغوي " أنه إذا
قال الولي للوكيل : لا تزوجها إلا بشرط أن ترهن بالصداق فلانا ، أو يتكفله فلان ، صح وعلى الوكيل الاشتراط . فإن أهمله ، لم يصح النكاح . ولو قال : زوجها بكذا وخذ به كفيلا ، فزوجها بلا شرط ، صح النكاح ; لأنه أمره بأمرين امتثل أحدهما . وإن قال : لا تزوجها إذا لم يتكفل فلان ، ينبغي أن لا يصح التوكيل ; لأن الكفالة تتأخر عن النكاح ، وقد منع العقد إلا بها ، وأنه إذا
قال للوكيل : زوجها بألف وجارية ولم يصف الجارية ، فزوجها الوكيل بألف ، لم يصح . ولو
قال : زوجها بخمر أو خنزير أو مجهول ، فزوجها بألف درهم ، فإن كان ذلك نقد البلد وقدر مهر المثل ، أو أكثر ، صح النكاح والمسمى ، وإلا فلا .