فرع
الفرض يوجد من الزوج ، أو القاضي ، أو أجنبي .
الضرب الأول :
إذا فرض الزوج ، نظر ، إن لم ترض به المرأة ، فكأنه لم يفرض وفيما علق عن الإمام ، أنه لا يشترط القبول منها ، بل يكفي طلبها وإسعافه ، وليكن هذا فيما إذا طلبت عينا أو مقدرا فأجابها ، أما إذا أطلقت الطلب ، فلا يلزم أن تكون راضية بما يعينه أو يقدره . أما إذا تراضيا على مهر ، فينظر ، إن جهلا قدر مهر المثل ، أو جهله أحدهما ، ففي صحة الفرض قولان . أظهرهما عند الجمهور : صحته وهو نصه في " الإملاء " والقديم . وإن كانا عالمين به ، صح ما فرضاه . ويجوز إثبات الأجل في المفروض على الأصح ، ويجوز أن يكون زائدا على مهر المثل إن كان من غير جنسه ، وكذا إن كان منه على المذهب .
الضرب الثاني : فرض القاضي وذلك إذا
امتنع الزوج من الفرض ، أو تنازعا في قدر المفروض ، فيفرضه ، ولا يفرض إلا من نقد البلد حالا . ولو رضيت بالأجل ، لم يؤجل ، بل تؤخر هي إن شاءت ، ولا يزيد على مهر المثل ولا ينقص ، كما في قيم المتلفات . ولكن الزيادة والنقص اليسير الذي يقع في محل الاجتهاد ، لا اعتبار
[ ص: 284 ] به ، ويشترط علمه بقدر مهر المثل . قال
الشيخ أبو الفرج : وإذا فرض ، لم يتوقف لزومه على رضاهما ; لأنه حكم منه ، وحكم القاضي لا يفتقر لزومه إلى رضى الخصمين .
الضرب الثالث : فرض الأجنبي . فإذا
فرض أجنبي للمفوضة مهرا يعطيه من مال نفسه برضاها ، لم يصح على الأصح . فإن صححنا ، طالبت الأجنبي بالمفروض ، وسقطت المطالبة عن الزوج . وعلى هذا ، لو طلقت قبل الدخول ، فنصف المفروض يعود إلى الزوج أم إلى الأجنبي ؟ فيه الوجهان السابقان فيما إذا تبرع أجنبي بأداء المسمى ثم طلقت قبل المسيس ذكرناهما فيما لو أصدق عن ابنه .
فرع
أبرأت المفوضة عن المهر قبل الفرض والمسيس ، فإن قلنا : يجب المهر بالعقد ، صح الإبراء إن كانت تعلم مهر المثل ، فإن جهلته ، ففي صحة الإبراء عن المجهول قولان سبقا في " الضمان " . أظهرهما : المنع . فإن منعنا ، فذلك فيما زاد على المتيقن . وفيما استيقنته وجهان من تفريق الصفقة .
وإن قلنا : يجب المهر بالعقد ، فهو إبراء عما لم يجب ، وجرى سبب وجوبه . وفي صحته قولان كالقولين في ضمانه . أظهرهما : فساده ، فحصل أن المذهب فساد إبرائها .
ولو أسقطت حق الفرض ، لم يسقط كإسقاط زوجة المولي ، ولو أبرأت عن المتعة قبل الطلاق ، فهو إبراء عما لم يجب . وإن أبرأت بعد ، فإبراء عن مجهول .
ولو
تزوج امرأة على خمر أو خنزير ، فأبرأته عن المسمى ، فهو لغو ; لأن الواجب غيره . وإن أبرأته عن مهر المثل وهي عالمة به ، صح .
[ ص: 285 ] فرع
لزوجته عليه مهر تيقن أنه لا ينقص عن ألف ، واحتمل أن يزيد عليه إلى ألفين ، ورغبا في البراءة ، فينبغي أن تبرئه عن ألفين ، ذكره
البغوي . ولو قبضت ألفا ، وأبرأته من ألف إلى ألفين ، فإن بان أن مهرها ألف أو فوق الألف إلى ألفين ، فالبراءة حاصلة ، وإن بان فوق الألفين فعليه الزيادة ، وحصلت البراءة من ألفين ، والقول بحصول البراءة إذا بان فوق ألف إلى ألفين ، تفريع على أنه إذا قال : ضمنت من واحد إلى عشرة ، أو أبرأت ، صح الضمان والإبراء ، وهو الأصح . ولو دفع الزوج إليها ألفين ، وحلل لها ما بين ألف وألفين ، حل لها ذلك إن بان فوق ألف إلى ألفين . وإن بان دون ألف ، فعليها رد قدر التفاوت بين مهرها وبين الألف ; لأنه لم يدخل في التحليل ، ويحصل الفرض من جهة الزوجة بلفظ التحليل والإبراء ، أو الإسقاط والعفو . وأما من جهة الزوج ، فيشترط لفظ صالح لتمليك الأعيان . فإن تصرفت في المدفوع وصار دينا ، جرت فيه الألفاظ .
فرع
قال لمن عليه ألف درهم : أبرأتك عن ألف درهم ، ثم قال : لم أعلم وقت الإبراء أنه كان لي عليه شيء ، لا يقبل قوله في الظاهر . وفي الباطن وجهان . قال
الإصطخري : لا يقبل أيضا لأنه ورد على محل حقه . وقال غيره : يقبل ، والخلاف مأخوذ مما إذا باع مال أبيه ظانا حياته فبان ميتا .