فصل
وهبت لزوجها الصداق المعين ، فطلقها قبل الدخول ، فقولان . أحدهما وهو القديم وأحد قولي الجديد والراجح [ عند
البغوي ] أنه لا يرجع عليها بشيء .
والثاني : وهو الأظهر عند الجمهور ، منهم العراقيون ، والإمام ،
nindex.php?page=showalam&ids=14396والروياني : يرجع بنصف بدله المثل [ أ ] والقيمة . وقيل : إن وهبته قبل القبض ، لم
[ ص: 317 ] يرجع قطعا . والمذهب طرد القولين ، سواء قبضته أم لا . ولو كان الصداق دينا فأبرأته منه ، لم يرجع على المذهب . ولو وهبت له الدين ، فالمذهب أنه كالإبراء . وقيل : كهبة العين . ولو قبضت منه الدين ثم وهبته له ، ثم طلقها ، فكهبة العين . وقيل : له الرجوع قطعا بناء على أنه لا يتعين فيما دفع عن الدين لو طلقها وهو باق عندها . ولو وهبت الصداق ، ثم ارتدت قبل الدخول ، أو فسخ أحدهما بعيب ، ففي الرجوع بالجميع مثل الخلاف في النصف إذا طلق . ولو باع عبدا بجارية ، ووهب الجارية لبائعها ، ثم وجد بائعها بالعبد [ عيبا ] فأراد رده بالعيب ، ففي تمكنه منه ومن المطالبة بقيمة الجارية وجهان مأخوذان من هبة الصداق ، ويجريان في تمكنه [ من ] طلب الأرش لو رأى عيبا بعد هلاك العبد ، أو حدث به عيب يمنع الرد .
وفيما لو أبرأ المكاتب عن النجوم وعتق ، هل [ له ] مطالبة السيد بالإيتاء ؟ ولو وهب المشتري المبيع للبائع ، ثم أفلس بالثمن ، فللبائع المضاربة مع الغرماء بلا خلاف ; لأن الموهوب غير المستحق وهو الثمن . وفي الصورة السابقة ، الموهوب هو المستحق ، فالهبة تعجيل على قول . وطرد
الحناطي الخلاف في مسألة الفلس . ولو ادعى عينا وأخذها ببينة ثم وهبها للمدعى عليه ، ثم رجع الشهود وقلنا بتغريم شهود المال ، فهل للمدعى عليه تغريم الشهود ؟ فيه طريقان . أحدهما : على وجهين أخذا من هبة الصداق . والثاني :
[ ص: 318 ] القطع بالمنع ; لأن المدعى عليه لا يقول بحصول الملك بالهبة ، بل يزعم دوام الملك السابق ، وفي الصداق زال الملك حقيقة وعاد بالهبة .
قلت : هذا الثاني هو الصحيح . والله أعلم .
فرع
وهبت الصداق للزوج ، على أنه إن طلقها كان ذلك عن مستحقه بالطلاق ، فوجهان . أحدهما : فساد الهبة ويبقى الصداق ملكا لها . فإن طلق ، تشطر . والثاني : يصح ولا رجوع بالطلاق ، كما لو عجل الزكاة ، وليكن الوجهان مبنيين على أن الهبة المطلقة هل تمنع الرجوع ؟ إن قلنا : تمنع ، فهذا تصريح بمقتضاها ، فيصح ولا رجوع ، وإلا فتفسد بالشرط الفاسد .
فرع
وهبته نصف الصداق ، فطلق قبل الدخول . فإن قلنا : هبة الكل لا تمنع الرجوع ، فهنا أولى وإلى ماذا يرجع ؟ فيه ثلاثة أقوال . أظهرها : إلى نصف الباقي وربع بدل الجملة . والثاني : إلى نصف الباقي . والثالث : يتخير ، إن شاء أخذ بدل نصف الجملة ، وإن شاء أخذ نصف الباقي وربع بدل الجملة . وإن قلنا :
[ ص: 319 ] هبة الكل تمنع الرجوع ، فهل يرجع بالنصف الباقي ، أم بنصف الباقي ، أم لا يرجع بشيء ؟ فيه ثلاثة أقوال . أظهرها : الثالث وهو نصه في ( المختصر ) ، فحصل في المسألة خمسة أقوال . ولو كان الصداق دينا وأبرأته من نصفه ثم طلقها ، قال
المتولي : إن قلنا : لو أبرأت عن الجميع يرجع ، فهنا يسقط عنه النصف الباقي . و [ أيضا ] إن قلنا : لا يرجع بشيء ، فهنا وجهان . أحدهما : يحسب عليه . والثاني : يسقط عنه النصف الباقي . ولو أبرأ المشتري عن نصف الثمن ، ثم وجد المشتري بالمبيع عيبا وأراد رده ، فحكمه كما ذكرنا في الإبراء عن نصف الصداق . ولو أبرأه عن عشر الثمن ، واطلع على عيب قديم ، وحدث عنده عيب ، وأرش العيب القديم العشر ، فالمذهب أنه يطالب بالأرش .