الباب الخامس في
المتعة .
هي اسم للمال الذي يدفعه الرجل إلى امرأته لمفارقته إياها ، والفرقة ضربان .
فرقة تحصل بالموت ، فلا توجب متعة بالإجماع ، وفرقة تحصل في الحياة كالطلاق . فإن كان قبل الدخول ، نظر ، إن لم يشطر المهر ، فلها المتعة ، وإلا فلا على المشهور .
وإن كان بعد الدخول ، فلها المتعة على الجديد الأظهر . وكل فرقة من الزوج لا بسبب فيها ، أو من أجنبي ، فكالطلاق ، مثل إن ارتد أو أسلم أو لاعن ، أو أسلم على أكثر من أربع نسوة وفارق بعضهن ، أو وطئ أبوه أو ابنه زوجته بشبهة ، أو أرضعت أمه أو بنته زوجته الصغيرة ، والخلع كالطلاق على الصحيح .
ولو فوض الطلاق إليها فطلقت فكتطليقه . ولو علق الطلاق بفعلها ، ففعلت ، أو آلى منها ، ثم طلق بعد المدة بطلبها ، فكالطلاق على الصحيح .
قلت : ويجيء هذا الوجه في تطليقها . والله أعلم .
[ ص: 322 ] ولو ارتدا معا ، فلا متعة على الأصح . وكل فرقة منها أو لسبب فيها ، لا متعة فيها ، كردتها وإسلامها ، وفسخها بإعساره ، أو عتقها ، أو تغريره ، أو عيبه ، أو فسخه بعيبها .
ونقل
المزني إثبات المتعة إذا فسخت بالتعيين ، فجعله بعضهم قولا آخر ، وأنكره الجمهور .
ولو
كانت ذمية صغيرة تحت ذمي ، فأسلم أحد أبويها وانفسخ النكاح ، فلا متعة كما لو أسلمت بنفسها . ولو اشترى زوجته ، فلا متعة على الأظهر .
وقال
أبو إسحاق : إن استدعاه الزوج ، وجب ، وإن استدعاه السيد فلا .
فرع
يسوى في المتعة ، المسلم ، والذمي ، والحر ، والعبد ، والحرة ، والذمية ، وهي في كسب العبد ، ولسيد الأمة كالمهر .
فصل
المستحب أن يمتعها ثلاثين درهما ، نص عليه في " المختصر " . وفي القديم : ثوبا قيمته ثلاثون درهما . وفي نص آخر : يمتعها خادما ، وإلا فمقنعة ، وإلا فبقدر ثلاثين درهما ، وليس هو اختلافا ، بل نزلها الأصحاب على درجات الاستحباب وقالوا : أقل المستحب ثلاثون درهما . وفي نص آخر : يمتعها بخادم إن كان موسرا ، وبمقنعة إن كان معسرا .
وإن كان متوسطا ، فبقدر ثلاثين درهما . وأما الواجب ، فإن تراضيا بشيء ، فذاك . وحكى
الحناطي وجها : أنه ينبغي أن يحلل كل منهما
[ ص: 323 ] صاحبه . فإن لم يفعلا ، لم يبرأ الزوج ، ولها رفع الأمر إلى القاضي ليقدرها . والصحيح الأول . وإن تنازعا ، فهل يكفي أقل ما يتمول ، أم يقدره الحاكم باجتهاده ؟ وجهان .
الصحيح الثاني . وهل يعتبر بحاله ، أم بحالها ، أم بحالهما ؟ فيه أوجه . أصحها : الثالث ، وهو ظاهر نصه في المختصر .
وهل يجوز أن تزاد المتعة على نصف مهرها ، أم يشترط أن لا تزيد ، أم يشترط أن لا تبلغ نصفه ؟ فيه أوجه . أصحها : الأول ، لإطلاق الآية ، وبهذا قطع
البغوي وغيره .