الأول : في
استحقاق القسم . من له زوجة واحدة ، ينبغي أن لا يعطلها ، فيستحب أن يبيت عندها ويحصنها ، وأدنى الدرجات أن [ لا ] يخلي أربع ليال عن
[ ص: 345 ] ليلة ، ولا يجب عليه المبيت بحال ؛ لأنه حقه فله تركه . ولو
كان له مستولدات أو إماء ، فلا قسم لهن ، ويستحب أن لا يعطلهن ، وأن يسوي بينهن .
ولو كان معهن نساء ، فلا قسم بينهن وبين النساء . حتى لو بات عند المنكوحات أو عند الإماء ، فلا قسم للأخريات .
وإذا
كان تحته زوجتان فأكثر ، فالإعراض عن جملتهن كالإعراض عن الواحدة المنفردة . وحكى
القاضي أبو حامد وجها أنه يلزمه القسم بينهن ، ويحرم إعراضه عنهن ، ويمكن أن يجيء مثله في الواحدة .
ولو بات عند بعضهن ، لزمه مثله للباقيات . وإذا سوى بينهن في الظاهر ، لم يؤاخذ بزيادة ميل قلبه إلى بعضهن ، ولا تجب التسوية في الجماع ، لكن يستحب التسوية فيه وفي سائر الاستمتاعات . ولو
قسم بينهن مدة وسوى ثم أعرض عنهن ، جاز كالابتداء .
فصل
فيمن تستحق القسم .
فيه مسائل .
إحداها : تستحقه المريضة ، والرتقاء ، والقرناء ، والحائض ، والنفساء ، والمحرمة ، والمؤلى منها ، والمظاهر منها ، والمراهقة ، والمجنونة التي لا يخاف منها ؛ لأن المراد الأنس . قال
المتولي : والمعتدة عن وطء شبهة لا قسم لها ؛ لأنه يحرم الخلوة بها .
[ ص: 346 ] الثانية : إذا
نشزت عن زوجها ، بأن خرجت من مسكنه ، أو أراد الدخول عليها فأغلقت الباب ومنعته ، أو ادعت عليه الطلاق ، أو منعت التمكين ، فلا قسم لها كما لا نفقة . وإذا عادت إلى الطاعة ، لم تستحق القضاء ، وامتناع المجنونة كامتناع العاقلة ، لكن لا تأثم .
الثالثة : إن
لم ينفرد بمسكن وطاف عليهن في مساكنهن ، فذاك ، وإن انفرد ، فيتخير بين المضي إليهن ودعائهن إلى مسكنه في نوبتهن والأول أولى اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم . فإن دعاهن ، لزمهن الإجابة . ومن امتنعت ، فهي ناشزة .
وهل له أن يدعو بعضهن إلى مسكنه ويمضي إلى مسكن بعضهن ؟ وجهان . وقال
الحناطي : قولان . أصحهما : المنع ، وبه قطع
البغوي والسرخسي وغيرهما .
فإن أقرع بينهن ليدعو من خرجت قرعتها إلى منزله ، فينبغي القطع بالجواز ، كالمسافرة ببعضهن بالقرعة . ثم الوجهان ، إذا لم يكن التخصيص بعذر ، فإن كان بأن كان مسكن إحداهما قريبا إليه ، فمضى إليها ودعا الأخرى لتخف عنه مؤنة السير ، لزمها الإجابة ، وكذا لو
كان تحته عجوز وشابة ، فحضر بيت الشابة لكراهة خروجها ودعا العجوز ، فلزمها الإجابة ، فإن أبت ، بطل حقها .
وإذا
كان يدعوهن إلى منزله ، فمنع بعضهن شغل لها ، بطل حقها . وإن منعها من الإجابة مرض ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13459ابن كج : عليه أن يبعث إليها من يحملها إليه .
ولو أقام عنده واحدة منهن ، ودعا الباقيات إلى بيتها ، لم تلزمهن الإجابة لما فيه من المشقة .
[ ص: 347 ] الرابعة : إن سافرت معه ، فسيأتي حكمه إن شاء الله تعالى . وإن
سافرت وحدها من غير إذنه ، فهي ناشزة . وإن أذن ، نظر ، إن كان السفر لغرضه ، بقي حقها فيقضيه من حق الباقيات . وإن كان لغرضها كحج وتجارة ، سقط حقها على الجديد ، فلا قضاء لها . وقيل بالسقوط قطعا ، وفائدة الإذن دفع الإثم .
فصل
فيمن يستحق عليه القسم .
هو كل زوج عاقل ، وإن كان مراهقا أو سفيها . فإن جاز المراهق ، فالإثم على وليه ، وإن جاز السفيه ، فعلى نفسه ،
[ و ] أما المجنون ، فإن كان لا يؤمن منه ضرر ، فلا قسم ، وإن أمن ، فإن كان قسم لبعضهن ثم جن ، فعلى الولي أن يطوف به على الباقيات قضاء لحقوقهن ، كقضاء الديون .
قال
المتولي : وذلك إذا طلبن . فإن أردن التأخير إلى إفاقته لتتم المؤانسة ، فلهن ذلك . وإن لم يكن عليه شيء من القسم ، فإن رأى منه ميلا إلى النساء ، وقال أهل الخبرة : ينفعه غشيانهن ، لزم الولي أن يطوف به عليهن ، أو يدعوهن إلى منزله ، أو يطوف به على بعضهن ، ويدعو بعضهن كما يرى .
وإن لم ير منه ميلا ، فليس عليه الطواف به . وحكى
الفوراني وجها ، أن
حق القسم يبطل بالجنون ، ولا يطالب الولي برعايته بحال ، ولا يجري الوجه فيما إذا قيل : ينفعه الغشيان . ولو قيل : يضره ، لزمه منعه عنهن .
أما من به جنون منقطع ، فإن ضبط ، كيوم ويوم ، جعلت أيام الجنون
[ ص: 348 ] كالغيبه ، ويقسم في إفاقته . ولو
أقام في الجنون عند واحدة ، فلا قضاء ولا اعتداد به ، كذا قاله
البغوي وغيره ، وفيه إشعار بأنه لا يقسم أيام جنونه . وحكى
أبو الفرج وجها ، أنه إذا أقام في الجنون عند واحدة ، قضى للباقيات .
وقال
المتولي : يراعي القسم في أيام الإفاقة ، ويراعيه الولي في الجنون ، ولكل واحدة نوبة من هذا ، ونوبة من هذا ، وهذا حسن . وإن لم تنضبط الإفاقة ، وقسم الولي لواحدة في الجنون ، وأفاق في نوبة الأخرى ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي : يقضي ما جرى في الجنون لنقصه .