الرابعة : سبق أنه إذا علق الطلاق بالإعطاء ، لا يقع إلا بالإعطاء في المجلس على الصحيح ، إلا إذا كان بصيغة " متى " وما في معناها ، فلا تختص بالمجلس ، وكل ذلك جار في قوله : إن أقبضتيني كذا ، أو أديت إلي كذا .
ولو
قال : أنت طالق إن شئت ، أو أنت طالق على ألف إن شئت ، اشترط وجود مشيئتها في مجلس التواجب ، بخلاف التعليق كسائر الصفات ؛ لأنه استدعاء لجوابها واستبانة رغبتها .
وحكى
الحناطي قولا أنه لا يشترط المجلس ويقع الطلاق متى شاءت ، كسائر التعليق ، والمجلس مجلس التواجب على الصحيح كما سبق .
وإذا قالت في المجلس : شئت وقبلت ، فقد تم العقد فتطلق ويلزم المال ، ولا يشترط تسليم المال في المجلس .
وإن اقتصرت على قولها : شئت ، أو قبلت ، فثلاثة أوجه . أصحها عند
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي : يكفي ؛ لأن كلا منهما يشعر بالرضى والالتزام ، وهذا مقتضى كلام
الشيخ أبي حامد .
والثاني : لا بد من الجمع بينهما ؛ لأنه لو اقتصر على قوله : أنت طالق [ كان جوابها قبلت ، ولو اقتصر على قوله : أنت طالق ] إن شئت ، كان جوابها شئت ، فإذا جمعهما ، اشترط جمعهما في الجواب .
والثالث : يكفي قولها : شئت ،
[ ص: 407 ] ولا يكفي قولها : قبلت ؛ لأن القبول ليس مشيئة ، ولهذا لو
قال : أنت طالق إن شئت ، فقالت : قبلت ، لم تطلق ، وبهذا قطع
المتولي ، واختاره الإمام فيما حكى عنه المعلق .
قلت : هذا الثالث ، هو الأصح بل الصحيح . والله أعلم .
فعلى الثالث : لا رجوع للزوج على قاعدة التعليقات ، وعلى الثاني : في جواز رجوعه وجهان ، لتردده بين التعليق والمعاوضة .
ولو علق طلاقها بالمشيئة بصيغة " متى " طلقت متى شاءت ، ولا يختص بالمجلس كسائر الصفات .
ولو
قالت : طلقني بألف درهم ، فقال : أنت طالق على ألف إن شئت ، فليس بجواب لها لما فيه من التعليق ، فيتوقف على مشيئة مستأنفة .
ولو نكر فقال : على ألف ونوى ما ذكرت ، فكذلك الحكم . وإن نوى غير الدراهم ، فقد نقل
الحناطي أنه يقع طلاق رجعي ولا بدل ، وخرج من عنده أنه لا طلاق حتى يتصل به القبول والمشيئة ، كما لو ابتدأ به ، وهذا هو القياس الحق .
ولو لم ينو شيئا ، فقد حكى وجهين في وقوعه رجعيا أو بائنا ، ووجهين إن وقع بائنا في أن الواجب مهر المثل أم المسمى ؟ ومقتضى جعله مبتدأ أن لا يقع الطلاق إلا أن يتصل به قبول ومشيئة .