النوع الثاني : في تجزئة الطلاق . اعلم أن
الطلاق لا يتبعض ، بل ذكر بعضه كذكر كله لقوته ، سواء أبهم بأن قال : أنت طالق بعض طلقة ، أو جزءا ، أو سهما من طلقة ، أو بين فقال : نصف طلقة أو ربع طلقة ، قال الإمام : وقوع الطلاق هنا على سبيل التعبير بالبعض عن الكل ، ولا يتخيل هنا
[ ص: 86 ] السراية المذكورة في قوله : بعضك طالق ، لكن لا يظهر بينهما فرق محقق . وفي كلام
الشيخ أبي حامد وغيره ، أنه يجوز أن يكون ذلك بطريق السراية ، ويجوز أن يلغى قوله : نصف طلقة ، ويعمل قوله : أنت طالق .
فرع
إذا
زاد في الأجزاء فقال : أنت طالق ثلاثة أنصاف طلقة ، أو أربعة أثلاث طلقة ، وقع طلقتان على الأصح ، وقيل : طلقة . وقيل : ثلاث طلقات ، حكاه
الحناطي . وعلى هذا القياس ، قوله : خمسة أرباع طلقة ، أو نصف وثلثي طلقة .
قلت : هذا الخلاف فيما إذا زادت الأجزاء على طلقة ، ولم يجاوز طلقتين ، فإن جاوزت كقوله : خمسة أنصاف طلقة ، أو سبعة أثلاث طلقة وأشباهه ، كان الخلاف في أنه يقع طلقة أم ثلاث . والله أعلم .
ولو قال : لفلان علي ثلاثة أنصاف درهم ، فهل يلزمه درهم أو درهم ونصف ؟ وجهان . أصحهما : الثاني .
فرع
قال : أنت طالق نصفي طلقة ، لم يقع إلا طلقة ، إلا أن يريد نصفا من طلقة ، ونصفا من أخرى وكذا لو قال : ربعي طلقة ، أو ثلثي طلقة ، وأشار في " الوسيط " إلى الخلاف في هذه الصورة فقال : الصحيح أنه يقع طلقة ، والكتب ساكتة عن الخلاف ، لكنه جار على ما نقله
الحناطي .
قلت : قد حكى الوجه الذي أشار إليه في " الوسيط " عن " شرح المفتاح " . والله أعلم .
[ ص: 87 ] ولو
قال : نصف طلقتين ، أو ثلث طلقتين ، وقع طلقة على الأصح ، وقيل : طلقتان ، فعلى هذا لو قال : أردت طلقة ، دين ، وفي قبوله ظاهرا وجهان . ولو قال : علي نصف درهمين ، قال
الشيخ أبو علي : لا يلزم إلا درهم بإجماع الأصحاب لعدم التكميل .
ولو قال : ثلث درهمين ، فعليه ثلثا درهم بالاتفاق . ولو قال : نصفي طلقتين أو ثلثي طلقتين . وقع طلقتان . ولو
قال : ثلاثة أنصاف طلقتين ، فهل يقع طلقتان أم ثلاث ؟ وجهان . أصحهما : الثاني ، وبه قال
ابن الحداد ، ونقله
الشيخ أبو علي عن الأكثرين .
ولو قال : له علي ثلاثة أنصاف درهمين ، ففيما يلزمه الوجهان . ولو قال : ثلاثة أنصاف الطلاق ، قال
المتولي : يقع ثلاث طلقات ، وينصرف الألف واللام إلى الجنس ، وحكى
الحناطي وجهين ، أحدهما : يقع ثلاث ، والثاني : طلقة .
فرع
قال : أنت طالق نصف طلقة ، أو ثلث وربع وسدس طلقة ، لا يقع إلا طلقة ، ولو كرر لفظة الطلقة فقال : ثلث طلقة ، وربع طلقة ، وسدس طلقة ، طلقت ثلاثا على المذهب ، وبه قطع الجمهور . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي : فيه وجهان . أحدهما : هذا ، والثاني : لا يقع إلا واحدة ، هكذا أطلقه
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي ، وإنما نقل الإمام هذا الوجه ، فيما إذا نوى صرف هذه الأجزاء إلى طلقة وفسر كلامه به .
ولو لم يدخل الواو ، فقال : أنت طالق ثلث طلقة ، ربع طلقة ، سدس طلقة ، لم يقع إلا طلقة لأنه إذا لم يدخل الواو ، كان الجميع بمنزلة كلمة واحدة ، ولهذا لو قال : أنت طالق طالق ، لم تقع إلا واحدة ، ولو قال : طالق وطالق ، وقع طلقتان .
[ ص: 88 ] لو
زادت الأجزاء ولم يدخل الواو ، فقال : أنت طالق نصف طلقة ، ثلث طلقة ، ربع طلقة ، ففي " أمالي
أبي الفرج " : أنه على الوجهين في قوله : ثلاثة أنصاف طلقة . ولو لم تتغاير الأجزاء وتكررت الواو فقال : أنت طالق نصف طلقة ، ونصف طلقة ، ونصف طلقة ، وقع طلقتان ، ويرجع في اللفظ الثالث إليه ، أقصد التأكيد أم الاستئناف كما لو قال : طالق وطالق وطالق .
ولو قال : أنت نصف طلقة ، أو ثلث طلقة ، فهو كقوله : أنت الطلاق .
ولو قال : أنت طالق نصف ثلث سدس ، ولم يقل : طلقة ، وقع طلقة بقوله : أنت طالق .
فرع
في فتاوى
القفال ، لو قال : طلقتك واحدة أو ثنتين على سبيل الإنشاء ، فيختار ما شاء من واحدة ، أو اثنتين كما لو قال : أعتقت هذا أو هذين .