فصل
قال : إن سرقت مني شيئا فأنت طالق ، فدفع إليها كيسا ، فأخذت منه شيئا ، لا تطلق ، لأنه خيانة لا سرقة .
[ ص: 195 ] فرع
قال : إن كلمتك فأنت طالق ، ثم أعاد مرة أخرى ، طلقت . وإن
قال : إن كلمتك فأنت طالق فاعلمي ، طلقت بقوله : فاعلمي وقيل : إن وصله بالكلام الأول ، لم تطلق ، لأنه تتمته . وإن قال
: إن كلمتك فأنت طالق ، إن دخلت الدار فأنت طالق ، فالتعليق الثاني تكليم ، فتطلق .
ولو
قال : إن بدأتك بالكلام فأنت طالق ، فقالت : إن بدأتك بالكلام فعبدي حر ، ثم كلمها ، ثم كلمته ، فلا طلاق ، ولا عتق . ولو
قال لرجل : إن بدأتك بالسلام فعبدي حر ، فقال الآخر : إن بدأتك بالسلام فعبدي حر ، فسلم كل منهما على الآخر دفعة واحدة ، لم يعتق عبد واحد منهما لعدم ابتداء كل واحد منهما على الآخر ، وتنحل اليمين ، فإذا سلم أحدهما على الآخر بعد ذلك ، لم يعتق واحد من عبديهما ، ذكره الإمام .
فرع
قال المدين لصاحب الدين : إن أخذت مالك علي ، فامرأتي طالق ، فأخذه مختارا ، طلقت امرأة المدين ، سواء كان مختارا في الإعطاء أو مكرها ، وسواء أعطى بنفسه أو بوكيله ، أو استلبه صاحب الدين قال
البغوي : وكذا لو أخذه السلطان ودفعه إليه . وفي كتب العراقيين أنه لا يقع الطلاق إذا أخذه السلطان ودفعه إليه ، لأنه إذا أخذه السلطان برئت ذمة المدين ، وصار المأخوذ حقا لصاحب الدين ، ولا يبقى له حق عليه ، فلا يصير بأخذه من السلطان آخذا حقه من المدين ، ولو قضى عنه أجنبي . قال الداركي : لا تطلق ، لأنه بدل حقه لاحقه بنفسه . ولو قال : إن أخذت حقك مني ، لم تطلق بإعطاء وكيله ، ولا بإعطاء السلطان من ماله .
[ ص: 196 ] فإن أكرهه السلطان حتى أعطى بنفسه ، فعلى القولين في المكره . ولو قال : إن أعطيتك حقك ، فأعطاه باختياره ، طلقت ، سواء كان الآخذ مختارا في الأخذ أم لا ، ولا تطلق بإعطاء الوكيل والسلطان .
فرع
قال : أنت طالق مريضة ، بالنصب ، لم تطلق إلا في حال المرض . ولو
قال : أنت طالق مريضة ، بالرفع ، فقيل : تطلق في الحال . وقوله : مريضة ، صفة ، واختيار
ابن الصباغ الحمل على اشتراط المرض حملا على الحال ، وإن كان لحنا في الإعراب .
فرع
قال لامرأتيه : إن دخلتما هاتين الدارين فأنتما طالقان ، فدخلت كل واحدة إحدى الدارين ، فهل تطلقان ، أم لا تطلقان ؟ وجهان
[ وإن قال ] : إن أكلتما هذين الرغيفين ، وأكلت كل واحدة منهما رغيفا ، تطلقان ، لأنهما أكلتاهما ، ولا يمكن أكل واحدة من الرغيفين ، بخلاف دخول الدارين .
قلت : الأصح في مسألة الدارين عدم الطلاق ، صححه صاحب " المهذب " وغيره ، والمذهب في الرغيفين الوقوع ، وطرد صاحب " المهذب " فيه الوجهين . - والله أعلم .
فرع
لو قالت لزوجها : أنت تملك أكثر من مائة ، فقال : إن كنت أملك أكثر من مائة فأنت طالق ، وكان يملك خمسين ، فإن قال : أردت : لا أملك زيادة
[ ص: 197 ] على مائة ، لم تطلق ، وإن قال : أردت أني أملك مائة بلا زيادة ، طلقت ، وإن أطلق ، فعلى أيهما يحمل ؟ وجهان .
قلت : الصحيح لا تطلق . - والله أعلم .
وإن قال : إن كنت أملك إلا مائة ، وكان يملك خمسين ، فقد قيل : تطلق على الوجهين .
فرع
قال : إن خرجت إلا بإذني ، فأنت طالق ، فالمسألة تأتي بفروعها في " كتاب الإيمان " إن شاء الله تعالى . فإن
قال : إن خرجت إلى غير الحمام بغير إذني فأنت طالق ، فخرجت إلى الحمام ، ثم قضت حاجة أخرى ، لم تطلق ، وإن خرجت لحاجة أخرى ، ثم عدلت إلى الحمام ، طلقت ، وإن خرجت إلى الحمام وغيره ، ففي وقوع الطلاق وجهان .
قلت : الأصح الوقوع ، وممن صححه الشاشي . - والله أعلم .
فرع
خرجت إلى دار أبيها ، فقال : إن رددتها إلى داري أو ردها أحد فهي طالق ، فاكترت بهيمة وعادت إلى داره مع المكاري ، لم تطلق ، لأن المكاري لم يردها ، بل صحبها . ولو عادت ثم خرجت فردها الزوج ، لم تطلق ، إذ ليس في اللفظ ما يقتضي التكرار .
فصل
في فتاوى
القفال أنه لو
قال : المرأة التي تدخل الدار من نسائي طالق ، لم يقع طلاق قبل
[ ص: 198 ] الدخول . فلو أشار إلى واحدة وقال : هذه التي تدخل الدار طالق ، طلقت في الحال وإن لم تدخل ، وأنه لو ادعت عليه أنه نكحها فأنكر ، فالأصح أنه ليس لها أن تنكح غيره ، ولا يجعل إنكاره طلاقا ، بخلاف ما لو قال : نكحتها وأنا أجد طول حرة ، يجعل ذلك فرقة بطلقة ، لأن هناك أقر بالنكاح وادعى مفسدا .
وقيل : يتلطف به الحاكم حتى يقول : إن كنت نكحتها فقد طلقتها ، وأنه لو قال : حلال الله علي حرام لا أدخل هذه الدار ، كان ذلك تعليقا وإن لم يكن فيه أداة تعليق .
وأنه لو
قال : حلفت بطلاقك أن لا تخرجي ، ثم قال : ما حلفت ، بل قصدت تفريعها ، لا تقبل ظاهرا ويدين ، وأنها لو قالت : اجعل أمر طلاقي بيدي ، فقال : إن خرجت من هذه القرية أجعل أمر طلاقك إليك ، فقالت : أخرج . فقال : جعلت أمرك بيدك ، فقالت : طلقت نفسي ، فإن ادعى أنه أراد بعد خروجها من القرية ، صدق ، وإلا طلقت في الحال ، وأنه لو قال : إن أبرأتني من دينك فأنت طالق ، فأبرأته ، وقع الطلاق بائنا . ولو قال : إن أبرأت فلانا فأبرأته ، وقع رجعيا . وأنه لو قال لأم امرأته : بنتك طالق ، ثم قال : أردت البنت التي ليست زوجتي ، صدق .
وأنه لو
قال : إن فعلت ما ليس لله تعالى فيه رضى فأنت طالق ، فتركت صوما أو صلاة ، ينبغي أن لا تطلق ، لأنه ترك وليس بفعل ، فلو سرقت أو زنت ، طلقت .