الباب الثاني في أحكام الرجعية والرجعة
وفيه مسائل .
إحداها : يحرم
وطء الرجعية ولمسها ، والنظر إليها ، وسائر الاستمتاعات . فإن وطئ ، فلا حد وإن كان عالما بالتحريم لاختلاف العلماء في إباحته ، وفي العالم وجه ضعيف ، ولا تعزير أيضا إن كان جاهلا أو يعتقد الإباحة ، وإلا فيجب . وإذا وطئ ولم يراجع ، لزمه مهر المثل ، وإن راجعها ، فالنص وجوب المهر أيضا ، ونص فيما لو
ارتدت فوطئها الزوج في العدة ثم أسلمت فيها ، فلا مهر . وكذا لو أسلم أحد المجوسيين أو الوثنيين ووطئها ، ثم أسلم المتخلف في العدة ، فقال الاصطخري : في الجميع قولان ، وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=13459ابن كج عن
nindex.php?page=showalam&ids=12858ابن القطان ، أنه وجدهما منصوصين ، والمذهب تقرير النصين الأولين ، لأن أثر الطلاق لا يرتفع
[ ص: 222 ] بالرجعة ، بل يبقى نقصان العدة فيكون ما بعد الرجعة وما قبل الطلاق كعقدين ، وأما أثر الردة وتبديل الدين ، فيرتفع بالإسلام ، فيكون الوطء مصادفا للعقد الأول .
الثانية : يصح
خلع الرجعية على الأظهر ، ويصح
الإيلاء والظهار عنها ، واللعان ، ويلحقها الطلاق . وإذا مات أحدهما في العدة ، ورثه الآخر ، ويجب نفقتها ، وهذه الأحكام مذكورة في أبوابها ،
ولو قال : نسائي أو زوجاتي طوالق ، دخلت الرجعية فيهن على الأصح المنصوص .
الثالثة :
طلق زوجته الرقيقة رجعية ، ثم اشتراها ، وجب استبراؤها ، لأنها كانت محرمة بالطلاق . فإن بقيت في العدة حيضة كاملة ، كفت ، وإن بقيت بقية الطهر ، فقيل : يكفي ، وقيل : يشترط حيضة كاملة على القياس ، هذا إذا قلنا : الاستبراء بالحيض وهو المذهب ، فإن قلنا : بالطهر ، قلنا : بقية الطهر كافية للاستبراء ، حصل الغرض بها .
فرع لما نظر الأصحاب في الأحكام المذكورة في هذه المسائل ، استنبطوا منها أقوالا في أن الطلاق الرجعي يقطع النكاح ويزيل الملك ، أم لا ؟ أحدها : نعم ، بدليل تحريم الوطء ووجوب المهر ومنع الخلع على قول .
والثاني : لا ، لوقوع الطلاق وعدم الحد ، وصحة الإيلاء والظهار واللعان ، وثبوت الإرث وصحة الخلع ، وعدم الإشهاد على الأظهر فيهما .
واشتهر عن لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رضي الله عنه - ، أن الرجعية زوجة في خمس آيات من كتاب الله تعالى ، وأراد الآيات المشتملة على هذه الأحكام . والثالث : أنه موقوف ، فإن لم يراجعها حتى انقضت العدة ، تبينا زوال الملك بالطلاق . وإن راجع ، تبينا أنه لم يزل ، ورجح
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي [ ص: 223 ] القول الأول ، والإمام الثاني . والتحقيق أنه لا يطلق ترجيح واحد منهما لما ذكرناه من اختلاف الترجيح في الصور المذكورة .
قلت : المختار ما اختاره
الرافعي ، أنه لا يطلق ترجيح ، ونظيره القولان في أن النذر يسلك به مسلك واجب الشرع ، أم جائزه ، وأن الإبراء إسقاط أم تمليك ؟ ويختلف الراجح بحسب المسائل ، لظهور دليل الطرفين في بعضها ، وعكسه في بعض . - والله أعلم .