[ ص: 354 ] الفصل الثاني : في
التغليظات .
فمنها :
التغليظ بالزمان ، بأن يكون بعد صلاة العصر ، فإن لم يكن طلب أكيد ، فليؤخر إلى عصر يوم الجمعة ، ذكره
القفال وغيره .
ومنها :
التغليظ بالمكان ، بأن يلاعن في أشرف مواضع البلد ، فإن كان بمكة فبين الركن الأسود والمقام . وقد يقال : بين البيت والمقام ، وهما متقاربان ، وقال
القفال : في الحجر .
وفي
المدينة عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي
بيت المقدس عند الصخرة ، وفي سائر البلاد في الجامع عند المنبر . وقيل : لا يعتبر كونه عند المنبر ، ويلاعن بين أهل الذمة في الموضع الذي يعظمونه ، وهو الكنيسة لليهود ، والبيعة للنصارى ،
وهل يأتي الحاكم بيت النار في لعان المجوس ؟ وجهان . أصحهما : نعم . وقال
القفال : لا ، بل يلاعن بينهما في المسجد ، أو مجلس الحكم ، ولا يأتي بيت الأصنام في لعان الوثنيين ، لأنه لا أصل له في الحرمة ، واعتقادهم غير معتبر ، بخلاف المجوس ، بل يلاعن بينهم في مجلس الحكم .
وصورته أن يدخلوا دارنا بأمان أو هدنة ، وإذا كان الزوج مسلما وهي ذمية ، لاعن هو في المسجد ، وهي في الموضع الذي تعظمه . فإن قالت : ألاعن في المسجد ، ورضي به الزوج ، جاز ، وكذا يجوز أن يتلاعن الذميان في المسجد إلا المسجد الحرام .
ومنها التغليظ بحضور جماعة من أعيان البلد وصلحائه ، فإن ذلك أعظم ، وأقلهم أربعة . ومنها التغليظ باللفظ ، وسيأتي بيانه في " الدعوى والبينات " إن شاء الله تعالى . ثم في وجوب التغليظ في هذه الأمور واستحبابه ، طرق ، والمذهب الاستحباب في الجميع .
فرع
من لا ينتحل دينا ، كالدهري ، والزنديق ، هل يغلظ عليه بهذه الأمور ؟ وجهان .
[ ص: 355 ] أصحهما : لا ، وبه قال الأكثرون ، وهو المنصوص ، ويلاعن في مجلس الحكم ، لأنه لا يعظم بقعة ولا زمانا ، فلا ينزجر . ويستحسن أن يقال له في التحليف : قل بالله الذي خلقك ورزقك ، لأنه وإن غلا في كفره ، فيجد نفسه مذعنة لخالق ومدبر .
فرع
الحائض تلاعن بباب المسجد ، ويخرج الحاكم إليها أو يبعث نائبا .
والمشرك والمشركة يمكنان من اللعان في المسجد مع الحيض والجنابة على الأصح .
فرع
اللعان يحتاج فيه إلى حضور الحاكم ، فلو حكم الزوجان فيه رجلا ، فإن قلنا : لا يجوز التحكيم في المال ، لم يجز في اللعان ، وإلا فوجهان . وقطع المتولي بأنه لا يصح التحكيم إذا كان هناك ولد ، إلا أن يكون بالغا ويرضى بحكمه .
قال : ولو قذف العبد زوجته ، وطلبت الحد ، ففي تولي السيد اللعان خلاف بناء على إقامته الحد على عبده وسماع البينة إن جوزناها تولى اللعان ، وزوج الأمة إذا قذفها ولاعن ، هل يتولى سيدها لعانها ؟ فيه هذا الخلاف .