فصل
عدة الطلاق ونحوه ، ثلاثة أنواع : الأقراء ، والأشهر ، والحمل ، ولا مدخل للأقراء في عدة الوفاة ، ويدخل النوعان الأخريان .
النوع الأول :
الأقراء ، وواحدها قرء بفتح القاف ، ويقال بضمها ، وزعم بعضهم ، أنه بالفتح الطهر ، وبالضم الحيض . والصحيح أنهما يقعان على الحيض والطهر لغة ، ثم فيه وجهان للأصحاب . أحدهما : أنه حقيقة في الطهر ، مجاز في الحيض . وأصحهما : أنه حقيقة فيهما ، هذا أصله في اللغة ، والمراد بالأقراء في العدة : الأطهار . وفي المراد بالطهر هنا ، قولان . أحدهما : الانتقال إلى الحيض دون عكسه . وأظهرهما : أنه الطهر المحتوش بدمين ، لا مجرد الانتقال إلى الحيض ، ممن نص على ترجيح هذا القول -
البغوي nindex.php?page=showalam&ids=14396والروياني وغيرهما ، وفيه مخالفة لما سبق في الطلاق ، أن الأكثرين أوقعوا الطلاق في الحال وإذا قال للتي لم تحض : أنت طالق في كل قرء ، ويجوز أن يجعل ترجيحهم لوقوع الطلاق لمعنى يختص بتلك الصورة ، لا لرجحان القول ، بأن الطهر الانتقال ، ثم إذا طلقها وقد بقي من الطهر بقية ، حسبت تلك البقية قرءا ، سواء كان جامعها في تلك البقية أم لا ، فإذا
طلقها وهي طاهر فحاضت ، ثم طهرت ، ثم حاضت ، ثم طهرت ، ثم شرعت في الحيض ، انقضت عدتها ، وإن طلقها في الحيض ، فإذا شرعت في الحيضة الرابعة ، انقضت عدتها . وهل تنقضي العدة برؤية الدم للحيضة الثالثة أو
[ ص: 367 ] الرابعة ، أم يعتبر مضي يوم وليلة بعد رؤية الدم ليعلم أنه حيض ؟ فيه قولان . أظهرهما : الأول ، لأن الظاهر أنه دم حيض ، ولئلا تزيد العدة على ثلاثة أقراء . وقيل : إن رأت الدم لعادتها ، انقضت برؤيته ، وإن رأته على خلافها ، اعتبر يوم وليلة . وإذا حكمنا بانقضائها بالرؤية ، فانقطع الدم لدون يوم وليلة ، ولم يعد حتى مضت خمسة عشر يوما ، تبينا أن العدة لم تنقض ، ثم لحظة رؤية الدم أو اليوم والليلة إذا اعتبرناهما ، هل هما من نفس العدة ، أم يتبين بهما انقضاؤها وليسا منها ؟ وجهان . أصحهما : الثاني .
قلت : قال أصحابنا : إن جعلناه من العدة ، صحت فيه الرجعة ، ولا يصح نكاحها لأجنبي فيه ، وإلا فينعكس . وقد سبق هذا ، ولكن لا يليق إخلاء هذا الموضع منه . والله أعلم .
فرع
قال : أنت طالق في آخر طهرك ، أو في آخر جزء من أجزاء طهرك . فإن قلنا : القرء الانتقال ، اعتد بذلك الجزء ، وإلا فلا .
ولو طلق من لم تحض أصلا ، إن قلنا : الطهر الانتقال ، حسب طهرها قرءا ، وإلا فلا .
واعلم أن قولهم : القرء هو الطهر المحتوش ، أو الانتقال ، ليس مرادهم الطهر بتمامه ، لأنه لا خلاف أن بقية الطهر تحسب قرءا ، وإنما مرادهم أنه هل يعتبر من الطهر المحتوش شيء ، أم يكفي الانتقال ؟ والمكتفون بالانتقال قالوا : الانتقال وحده قرء ، فإن وجد قبله شيء من الطهر ، أدخلوه في اسم القرء . ولهذا قالوا : لو قال للتي لم تحض : أنت طالق في كل قرء طلقة ، طلقت في الحال تفريعا على هذا القول ، ولم يؤخروا الوقوع إلى الحيض للانتقال .
[ ص: 368 ]