فصل
في
شرط الرضاع لا تثبت حرمته إلا بخمس رضعات هذا هو الصحيح المنصوص . وقيل : تثبت برضعة واحدة ، وقيل : بثلاث رضعات ، وبه قال
ابن المنذر ، واختاره جماعة . فعلى المنصوص لو حكم حاكم بالتحريم برضعة ، لم ينقض حكمه على الصحيح ، وقال
الإصطخري : ينقض . والرجوع في الرضعة والرضعات إلى العرف ، وما تنزل عليه الأيمان في ذلك ، ومتى تخلل فصل طويل تعدد . ولو ارتضع ، ثم قطع إعراضا ، واشتغل بشيء آخر ، ثم عاد وارتضع ، فهما رضعتان ، ولو
قطعت المرضعة ، ثم عادت إلى الإرضاع ، فهما
[ ص: 8 ] رضعتان على الأصح ، كما لو قطع الصبي ، ولا يحصل التعدد بأن يلفظ الثدي ، ثم يعود إلى التقامه في الحال ، ولا بأن يتحول من ثدي إلى ثدي ، أو تحوله لنفاذ ما في الأول ، ولا بأن يلهو عن الامتصاص والثدي في فمه ، ولا بأن يقطع التنفس ، ولا بأن يتخلل النومة الخفيفة ، ولا بأن تقوم وتشتغل بشغل خفيف ، ثم تعود إلى الإرضاع ، فكل ذلك رضعة واحدة .
قلت : قال
إبراهيم المروذي : إن
نام الصبي في حجرها وهو يرتضع نومة خفيفة ، ثم انتبه ورضع ثانيا ، فالجميع رضعة ، وإن
نام طويلا ، ثم انتبه وامتص ، فإن كان الثدي في فمه فهي رضعة ، وإلا فرضعتان . والله أعلم .
قال الأصحاب : يعتبر ما نحن فيه بمرات الأكل ، فإذا حلف لا يأكل في اليوم إلا مرة واحدة فأكل لقمة ، ثم أعرض واشتغل بشغل طويل ، ثم عاد وأكل ، حنث ، ولو أطال الأكل على المائدة وكان ينتقل من لون إلى لون ويتحدث في خلال الأكل ، ويقوم ، ويأتي بالخبز عند نفاذه ، لم يحنث ، لأن ذلك كله يعد في العرف أكلة واحدة ، ولو
ارتضع من ثدي امرأة ثم انتقل في الحال إلى ثدي آخر ، ففيه خلاف سنذكره - إن شاء الله تعالى - في الفصل الذي يليه .
فرع
لا يشترط وصول اللبن في المرات على صفة واحدة ، بل لو
ارتضع في بعضها ، وأوجر في بعضها ، وأسعط في بعضها حتى تم العدد ، ثبت التحريم ، وكذا الصب في الجراحة ، والحقنة إذا جعلناهما مؤثرين .
[ ص: 9 ] فرع
لو
حلب لبن امرأة دفعة ، وأوجره الصبي في خمس دفعات ، فهل يحسب رضعة أم خمسا ؟ قولان ، أظهرهما : رضعة ، وقيل : رضعة قطعا . ولو حلب خمس دفعات ، وأوجره دفعة ، فالمذهب أنه رضعة ، وقيل : على الطريقين . ولو
حلب خمس دفعات ، وأوجر في خمس دفعات من غير خلط ، فهو خمس رضعات قطعا . وإن
حلب خمس دفعات ، وخلط ، ثم فرق ، وأوجر في خمس دفعات ، فالمذهب أنه خمس رضعات ، وبه قطع الجمهور ، وقيل على قولين ، لأنه بالخلط صار كالمحلوب دفعة . ولو
حلب خمس نسوة في إناء ، وأوجره الصبي دفعة واحدة حسب من كل واحدة رضعة ، وإن أوجره في خمس دفعات ، حسب من كل واحدة رضعة ، وإن أوجره في خمس دفعات ، حسب من كل واحدة رضعة على الأصح ، وقيل : خمس رضعات .
فرع
لو
شك هل أرضعته خمس رضعات ، أم أقل ، أو هل وصل اللبن جوفه أم لا ؟ فلا تحريم ولا يخفى الورع . ولو
شك هل أرضعته الخمس في الحولين ، أم بعضها ، أو كلها بعد الحولين ، فلا تحريم على الأظهر أو الأصح ، والتحريم محكي عن
الصيمري ، لأن الأصل بقاء المدة .