فصل
فيما إذا قتل إنسانا يظنه على حال وكان بخلافه وفيه مسائل : الأولى :
قتل من ظنه كافرا ، بأن كان عليه زي الكفار ، أو رآه يعظم آلهتهم ، فبان مسلما ، نظر ، إن كان ذلك في دار الحرب ، فلا
[ ص: 147 ] قصاص قطعا ، ولا دية على الأظهر ، وتجب الكفارة قطعا .
وإن كان في دار الإسلام ، وجبت الدية والكفارة قطعا ، وكذا القصاص على الأظهر ، فإن لم نوجبه ، فهل الدية مغلظة أم مخففة على العاقلة ؟ قولان .
الثانية :
قتل من ظنه مرتدا أو حربيا ، فلم يكن ، فعليه القصاص ، فإن عهده مرتدا ، أو ظن أنه لم يسلم وكان أسلم ، فالنص وجوب القصاص ، ونص فيما لو عهده ذميا أو عبدا ، فقتله ظانا أنه لم يسلم ، ولم يعتق ، فبان خلافه ، أنه لا قصاص ، فقيل : في الجميع قولان .
وقيل : بظاهر النصين ، لأن المرتد يحبس فلا يخلى ، فقاتله مقصر بخلاف الذمي والعبد ، وقيل : يجب القصاص في الجميع ، لأنه ظن لا يبيح القتل .
والمذهب وجوب القصاص في الجميع ، وإن أثبتنا الخلاف ، كما لو علم تحريم القتل ، وجهل وجوب القصاص ، ولو عهده حربيا فظن أنه لم يسلم ، فقيل : كالمرتد .
وقيل : لا قصاص قطعا ، لأن المرتد لا يخلى ، والحربي يخلى بالمهادنة ، ويخالف العبد والذمي ، فإنه ظن لا يفيد الحل والإهدار ، بخلاف الحربي ، ولو
ظنه قاتل أبيه ، فقتله ، فبان غيره ، وجب القصاص على الأظهر ، لأنه يلزمه التثبت ، ولم يعهده قاتلا حتى يستصحبه ، ولو قال : تبينت أن أبي كان حيا حين قتلته ، وجب القصاص قطعا .
وحيث قلنا : لا قصاص في هذه الصور ، فقال : ظننته كافرا أو رقيقا ، فقال الولي : بل علمته مسلما حرا ، فالقول قول القاتل ، لأنه أعرف ، ونقل
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي في موضع القولين فيما إذا قال : ظننته قاتل أبي ، طريقين .
أحدهما : موضعهما إذا تنازعا ، أما إذا صدقه الولي ، فلا قصاص قطعا ، والثاني : طرد القولين في الحالين ، لأنه ظن من غير مستند شرعي .
[ ص: 148 ] الثالثة :
ضرب مريضا ضربا يقتل المريض دون الصحيح ، فمات منه ، فإن علم مرضه ، فعليه القصاص قطعا ، وكذا إن جهله على الصحيح ، لأن جهله لا يبيح الضرب .