فصل
وأما المنقصات فأربعة
أحدها :
الأنوثة ، فدية المرأة نصف دية الرجل ، ودية الخنثى كذلك ؛ لأنه اليقين ، ودية أطرافها أو جروحها نصف ذلك من الرجل ، وفي القديم قول : إنها تساوي الرجل في الأطراف إلى ثلث الدية ، فإذا زاد الواجب على الثلث ، صارت على النصف ؛ فعلى هذا في أصبعها عشر من الإبل ، وفي أصبعين عشرون ، وفي ثلاث ثلاثون ، وفي أربع عشرون ، وهو نصف ما في أصابع الرجل الأربع ، والمشهور الأول وهو نصه في الجديد .
الثاني :
الاجتنان ؛ ففي الجنين غرة ، وسيأتي إيضاحه في بابه إن شاء الله تعالى .
[ ص: 258 ] الثالث :
الرق ؛ ففي قتل العبد قيمته ، سواء زادت على الدية ، أم نقصت ، سواء قتله عمدا أم خطأ ، وأما جروح العبد وأطرافه ؛ فسيأتي بيانها في بابها إن شاء الله تعالى .
الرابع :
الكفر ؛ والكفار أصناف ، أحدها :
اليهودي والنصراني ؛ فديته ثلث دية المسلم ، وأما
السامرة من
اليهود ،
والصابئون من
النصارى ، فإن كانوا ملاحدة في دينهم ، كفرة عندهم ؛ فحكمهم حكم من لا كتاب له من الكفار ، وإن كانوا لا يكفرونهم فهم كسائر فرقهم وقد سبق في مناكحتهم ؛ طريق ضعيف بإطلاق قولين ، ولا بد من مجيئه هنا .
الثاني :
المجوسي ، وديته ثلثا عشر دية المسلم ، ودية المجوسية نصف دية المجوسي ، وقيل : كديته ، وطرد هذا الوجه في سائر الكفار الذين تجب فيهم دية مجوسي ، والصحيح الأول ، ويراعى في ديات هؤلاء التغليظ والتخفيف ؛ فإن
قتل يهودي عمدا أو شبه عمد ، وجب فيه عشر حقاق وعشر جذاع وثلاث عشرة خلفة وثلث ، وإذا لم يوجد مغلظ ، وجب ست بنات مخاض وثلثا السابعة ، وكذا من بنات اللبون وسائر الأخماس . وفي المجوسي عند التغليظ حقتان وجذعتان وخلفتان وثلثا خلفة ، وعند التخفيف بنت مخاض وثلث وبنت لبون وثلث وكذا من الباقي ، ولا يخفى أن الدية إنما تجب في الصنفين إذا كان لهم عصمة بذمة ، أو عهد أو أمان .
الصنف الثالث :
كافر لا كتاب له ، ولا شبهة كتاب ، كعابد الوثن والشمس والقمر والزنديق والمرتد ، فهؤلاء لا يتصور لهم عقد ذمة ؛ لكن قد يكون لهم أمان ، بأن دخل بعضهم رسولا فقتل ؛ ففيه دية مجوسي ، إلا المرتد فلا شيء فيه ، فإنه مقتول بكل حال ، وليس من أهل الأمان .
قال الإمام : ولو تحزبت طائفة من المرتدين ومست الحاجة إلى سماع رسالتهم ، فجاء رسولهم فقد قيل : لا يتعرض لهم ، لكن لو قتل ، فلا ضمان ، وتردد
الشيخ أبو محمد في إلحاق
[ ص: 259 ] الزنديق بالمرتد ، والصحيح إلحاقه بالوثني ، وأما من لا عهد له ولا أمان من الكفار ، فلا ضمان في قتله على أي دين كان .
قلت : قد سبق خلاف في
الذمي والمرتد إذا قتلا مرتدا هل تجب الدية ؟ فإن أوجبناها فهي دية مجوسي ، ذكره
البغوي . والله أعلم .
وجميع ما ذكرناه في كافر بلغته دعوتنا وخبر نبينا صلى الله عليه وسلم ، أما
من لم تبلغه دعوتنا ، فلا يجوز قتله قبل الإعلام والدعاء إلى الإسلام ؛ فلو قتل ، كان مضمونا قطعا ، وكيف يضمن .
أما الكفارة فتجب بلا تفصيل ، ثم له ثلاثة أحوال ، أحدها : أن لا تكون بلغته دعوة نبي أصلا ، فلا قصاص على الصحيح ، وأوجبه
القفال . وأما الدية ، فهل تجب دية مجوسي أم مسلم ؟ وجهان ، أو قولان ، أصحهما : الأول وبه قطع جماعة ، الثاني : أن يكون متمسكا بدين ولم يبدل ولم يبلغه ما يخالفه ، فلا قصاص على الأصح ؛ فعلى هذا هل تجب دية مسلم أم دية أهل ذلك الدين ؟ وجهان : أصحهما الثاني .
الثالث : أن يكون متمسكا بدين لحقه التبديل لكن لم يبلغه ما يخالفه ، فلا قصاص قطعا ،
وهل تجب دية مجوسي أم دية أهل دينه أم لا يجب شيء ؟ فيه أوجه ، أصحها الأول .
فرع
من
أسلم في دار الحرب ولم يهاجر مع التمكن أو دون ، إذا قتله مسلم ، تعلق بقتله القصاص والدية ؛ لأن العصمة بالإسلام .