[ ص: 263 ] الباب الثاني في دية ما دون النفس
هي ثلاثة أقسام : جرح ، وإبانة طرف ، وإزالة منفعة .
القسم الأول :
الجروح ، وهي نوعان ، جائفة وغيرها ، الأول : غير الجائفة ، وهي ضربان : جراحات الرأس والوجه ، وجراحات سائر البدن .
الضرب الأول : جراحات الرأس والوجه ، ففي
الموضحة : خمس من الإبل ، سواء كانت على الهامة والناصية أو القذال ، وهو جماع مؤخر الرأس ، أو الخشاء ، وهي العظم الذي خلف الأذن ، أو منحدر القمحدوة إلى الرقبة ، وهي ما خلف الرأس ، وذكر في العظم الواصل بين عمود الرقبة وكرة الرأس وجه أنه ليس محلا للموضحة ، كالرقبة ، ويشبه أن تكون هي المنحدر المذكور ، أو تكون منه .
وأما الوجه ، فالجبهة منه والجبينان ، والخدان ، وقصبة الأنف ، واللحيان ، كلها محل الإيضاح ، سواء المقبل من اللحيين الذي تقع به المواجهة ، وما تحت المقبل خارجا عن حد المغسول في الوضوء ؛ لأن اسم الموضحة يشمل جميعها ؛ وإنما يجب في الموضحة خمس من الإبل في حق من تجب الدية الكاملة بقتله ، وهو الحر المسلم الذكر ، وهذا المبلغ نصف عشر ديته ؛ فتراعى هذه النسبة في حق غيره .
فتجب في
موضحة اليهودي نصف عشر ديته ، وهو بعير وثلثان ، وفي
موضحة المرأة بعيران ونصف ، وفي
موضحة المجوسي ثلثا بعير .
وعن
الإصطخري وأبي محمد الفارسي أن في موضحة الوجه أكثر الأمرين من خمس من الإبل والحكومة ، وهذا شاذ مردود ولا تفريع عليه .
[ ص: 264 ] فرع
إذا
هشم العظم مع الإيضاح ، وجب عشر من الإبل ، وإن نقل مع ذلك وجب خمسة عشر بعيرا ، وحكى
السرخسي قولا قديما أن في الهاشمة خمسا من الإبل وحكومة ، وليس بشيء .
فرع
في
المأمومة ثلث الدية ، وفي
الدامغة أيضا ثلث الدية على الصحيح المنصوص ، وقال
الماوردي : ثلث الدية وحكومة ، وحكى
الفوراني وجماعة أن فيها الدية بكمالها ، لأنها تذفف ؛ وبهذا قال الإمام ، وكأن الأولين يمنعون تذفيفها .
فرع
هشم العظم ولم يوضح ، وجب خمس من الإبل على الأصح المنصوص ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12535ابن أبي هريرة : تجب حكومة ككسر سائر العظام ، ولو
نقل العظم من غير إيضاح ، فهل يجب عشر من الإبل أم حكومة ؟ فيه هذان الوجهان ، وفي " الرقم " وغيره أن موضع الوجهين ما إذا لم يحوج الهشم إلى بط وشق لإخراج العظم أو تقويمه ، فإن أحوج إليه ، فالذي أتى به هاشمة تجب فيها عشر من الإبل .
فرع
أوضح واحد ، وهشم آخر ، ونقل ثالث ، وأم رابع ؛ فعلى الأول القصاص ، أو خمس من الإبل ، وعلى الثاني خمس ، وعلى الثالث خمس ، وعلى الرابع ما بين المنقلة والمأمومة ، وهو ثمانية عشر بعيرا وثلث بعير ، وقيل : يجب على الجميع ثلث الدية أرباعا ، والصحيح الأول ؛ فلو خرق
[ ص: 265 ] خامس خريطة الدماغ ؛ ففي " التهذيب " أن عليه تمام دية النفس ، كمن
حز رقبة إنسان بعدما قطعت أطرافه ، وهذا على طريقة من قال : الدامغة مذففة .
فرع
ما قبل الموضحة من الشجاج كالدامية والحارصة والباضعة والمتلاحمة ليس فيها أرش مقدر وفي واجبها وجهان .
أحدهما : الحكومة ، ولا يبلغ بحكومتها أرش موضحة ، والثاني وبه قال الأكثرون : إن لم يمكن معرفة قدرها من الموضحة فكذلك ، وإن أمكن بأن كان على رأسه موضحة إذا قيس بها الباضعة مثلا ، عرف أن المقطوع ثلث أو نصف في عمق اللحم وجب قسطه من أرش الموضحة ؛ فإن شككنا في قدرها من الموضحة ، أوجبنا التعين ، قال الأصحاب : وتعتبر مع ذلك الحكومة ؛ فيجب أكثر الأمرين من الحكومة ، وما يقتضيه التقسيط ؛ لأنه وجد سبب كل واحد منهما .
الضرب الثاني :
جراحات سائر البدن ؛ فليس في إيضاح عظامه ولا هشمها ولا تنقيلها أرش مقدر النوع .