الشرط الثاني :
أن تكون الدعوى مفصلة ، أقتله عمدا أم خطأ ، أم شبه عمد ، منفردا أم مشارك غيره ; لأن الأحكام تختلف بهذه الأحوال ، ويتوجه الواجب تارة على العاقلة ، وتارة على القاتل ، فلا يعرف من يطالب إلا بالتفصيل ، وفيه وجه سنذكره إن شاء الله تعالى ، أنه يجوز كون الدعوى مجهولة ، فعلى الصحيح لو أجمل الولي فوجهان ، أحدهما : يعرض القاضي عنه ، ولا يستفصل ; لأنه ضرب من التلقين ، والثاني وهو الصحيح المنصوص ، وبه قطع الجمهور : يستفصل ، وربما وجد في كلام الأئمة ما يشعر بوجوب الاستفصال ، وإليه أشار
الروياني ، وقال
الماسرجسي : لا يلزم الحاكم أن يصحح دعواه ، ولا يلزمه أن يستمع إلا إلى دعوى محررة ، وهذا أصح ، ثم إذا قال : قتله منفردا أو عمدا ووصف العمد أو خطأ ، وطالب المدعى عليه بالجواب ، وإن قال : قتله بشركة ، سئل عمن شاركه ، فإن ذكر جماعة لا يمكن اجتماعهم على القتل ، لغا قوله ودعواه ، وإن ذكر جماعة يتصور اجتماعهم ولم يحضرهم ، أو قال : لا أعرف عددهم ، فإن
ادعى قتلا يوجب الدية بأن قال : قتله خطأ ، أو شبه عمد ، أو تعمد وفي شركائه مخطئ ، لم تسمع دعواه لأن حصة المدعى عليه من الدية لا تعلم إلا بحصر الشركاء ، فلو
قال : لا أعلم عددهم تحقيقا ، ولكن أعلم أنهم لا يزيدون على عشرة ، سمعت دعواه ، وطالب بعشر الدية ، وإن ادعى ما يوجب القود بأن
قال : قتل عمدا مع شركاء عامدين ، فوجهان ، أصحهما : تسمع دعواه ، ويطالب بالقصاص ; لأنه لا يختلف بعدد
[ ص: 5 ] الشركاء ، والثاني : لا ; لأنه قد يختار الدية فلا يعلم حقه منها ، وأشير إلى وجه ثالث أنا إن قلنا : موجب العمد القود ، سمعت ، وإن قلنا : أحدهما فلا .