الشرط الخامس :
أن لا يكون فيه شبهة استحقاق للسارق وفيه مسائل :
إحداها :
سرق مستحق الدين مال المدين ، نص أنه لا قطع ، فقيل بإطلاقه ، والأصح : التفصيل ، فإن أخذه لا بقصد استيفاء الحق ، أو بقصده والمدين غير جاحد ولا مماطل قطع ، وإن قصده وهو جاحد أو مماطل ، فلا قطع ، ولا فرق بين أن يأخذ من جنس حقه ، أو من غيره ، وقيل : يختص بمن أخذ جنس حقه ، والصحيح الأول ، ولو أخذ زيادة على قدر حقه ، فلا قطع على الصحيح ; لأنه إذا تمكن من الدخول
[ ص: 120 ] والأخذ ، لم يبق المال محرزا عنه ، وقيل : إن بلغت الزيادة نصابا وهي مستقلة ، قطع .
الثانية : من يستحق النفقة بالبعضية على المسروق منه ، لا يقطع بسرقة ماله ، ويقطع بسرقة مال الأخ وسائر الأقارب ، ولو
سرق أحد الزوجين مال الآخر ، إن لم يكن محرزا عنه ، فلا قطع ، وإلا فثلاثة أقوال ، أظهرها : يقطع ، والثاني : لا ، والثالث : يقطع الزوج دون الزوجة ، وقيل : يقطعان بلا خلاف ، قال الأصحاب : ومن لا يقطع بسرقة مال شخص ، لا يقطع عبده بسرقة مال ذلك الشخص ، فلا يقطع العبد بسرقة مال أبي سيده وابنه ، وفي قطع عبد أحد الزوجين بسرقته مال الآخر الخلاف ، وفي وجه يقطع العبد وإن لم يقطع سيده ، ورجحه الإمام ، والصحيح المنصوص الذي قطع به الجمهور هو الأول ; لأن يد العبد كيد السيد ، ولو سرق مكاتب أحد الزوجين مال الآخر وقلنا : لا قطع على العبد فوجهان ، كما لو سرق المكاتب مال سيده ، ففيه خلاف سيأتي إن شاء الله تعالى .
وعن القاضي
حسين أنا إذا لم نقطع أحد الزوجين بسرقة مال الآخر ، ينبغي أن لا يقطع ولد أحدهما بسرقة مال الآخر ، وغلط القاضي في ذلك ، ولو كان لرجل زوجتان ، سرقت إحداهما مال الأخرى ، أو
سرق مال زوجة أبيه ، أو ابنه ، فالمذهب وجوب الحد ،
ولا يقطع العبد بسرقة مال سيده بخلاف ما لو زنى بجاريته ، والمدبر وأم الولد ومن بعضه حر في كل ذلك كالقن ، وكذا المكاتب في الأصح ، ولا خلاف أن السيد لا يقطع بما في يد مملوكه وإن قدرنا له ملكا ، ولو سرق ممن بعضه مملوكه ما ملكه ببعضه الحر ، قال
القفال : لا يقطع ، وقال الشيخ
أبو علي : يقطع .
الثالثة : لو أخذ المال على صورة السرقة على ظن أن المأخوذ
[ ص: 121 ] ملكه ، أو ملك أبيه ، أو ابنه أن الحرز ملكه ، فلا قطع على الأصح للشبهة .
فرع
في صور يتوهم أنها شبهة ، وليست مؤثرة ، فلا أثر لكون المسروق مباح الأصل ، كالحطب والحشيش والصيد ومال المعدن ، ولا لكونه معرضا للفساد ، كالرطب والتين والرياحين والشواء والهريسة والجمد والشمع المشتعل ، ولو سرق عينا فقطع ، ثم سرقها من المالك الأول أو غيره ، قطع ثانيا ، ولا يشترط كون المسروق في يد المالك ، بل السرقة من يد المودع والمرتهن والوكيل وعامل القراض والمستعير والمستأجر ، توجب القطع ، والخصم فيها المالك ، وإذا قلنا : الماء لا يملك ، فلا قطع بسرقته ، وإن قلنا : يملك ، قطع في الأصح ، ووجه المنع أنه تافه ، ويجري الوجهان في سرقة التراب ; لأنه لا تقصد سرقته لكثرته ، ويجب
القطع بسرقة المصحف وكتب التفسير والحديث والفقه ، وكذا الشعر الذي يحل الانتفاع به ، وما لا يحل الانتفاع به لا قطع فيه إلا أن يبلغ الجلد والقرطاس نصابا ، ويجب
القطع بسرقة قرون الحيوان .