فرع
شروط الخطبة ستة :
أحدها :
الوقت . وهو ما بعد الزوال ، فلا يصح تقديم شيء منها عليه .
الثاني :
تقديم الخطبتين على الصلاة .
الثالث :
القيام فيهما مع القدرة ، فإن عجز عن القيام ، فالأولى أن يستنيب . ولو خطب قاعدا أو مضطجعا للعجز ، جاز كالصلاة . ويجوز الاقتداء به ، سواء قال : لا أستطيع ، أو سكت ، لأن الظاهر أنه إنما قعد لعجزه ، فإن بان أنه كان قادرا ، فهو كما لو بان الإمام جنبا ، ولنا وجه : أنه تصح الخطبة قاعدا مع القدرة على القيام وهو شاذ .
[ ص: 27 ] الرابع :
الجلوس بينهما ، وتجب الطمأنينة فيه ، فلو خطب قاعدا لعجزه ، لم يضطجع بينهما للفصل ، بل يفصل بينهما بسكتة ، والسكتة واجبة على الأصح . ولنا وجه شاذ : أن القائم أيضا يكفيه الفصل بينهما بسكتة .
الخامس :
هل يشترط في صحة الخطبة الطهارة عن الحدث والنجس في البدن والثوب والمكان وستر العورة ؟ قولان . الجديد : اشتراط كل ذلك . ثم قيل : الخلاف مبني على أنهما بدل من الركعتين ، أم لا ؟ وقيل : على أن الموالاة في الخطبة شرط ، أم لا ؟ فإن شرطنا الموالاة ، شرطنا الطهارة ، وإلا فلا . ثم قال صاحب ( التتمة ) : يطرد الخلاف في اشتراط الطهارة عن الحدث الأصغر والجنابة ، وخصه صاحب ( التهذيب ) بالحدث الأصغر ، قال : فأما الجنب ، فلا تحسب خطبته قولا واحدا ، لأن القراءة شرط ، ولا تحسب قراءة الجنب ، وهذا أوضح .
قلت : الصحيح ، أو الصواب ، قول صاحب ( التتمة ) وقد جزم به
الرافعي في ( المحرر ) وقطع الشيخ
أبو حامد ،
والماوردي ، وآخرون : بأنه لو
بان لهم بعد فراغ الجمعة أن إمامهم كان جنبا ، أجزأتهم . ونقله
أبو حامد ،
والماوردي ، والأصحاب عن نصه في ( الأم ) . - والله أعلم - .
ثم إذا شرطنا الطهارة ،
فسبقه حدث في الخطبة ، لم يعتد بما يأتي به في حال الحدث . وفي بناء غيره عليه الخلاف الذي سبق . فلو تطهر وعاد ، وجب الاستئناف ، وإن طال الفصل وشرطنا الموالاة ، فإن لم يطل ، أو لم نشرط الموالاة ، فوجهان . أصحهما : الاستئناف .
السادس :
رفع الصوت ، فلو خطب سرا بحيث لم يسمع غيره ، لم تحسب على الصحيح المعروف . وفي وجه : تحسب وهو غلط . فعلى الصحيح ، الشرط أن يسمع أربعين من أهل الكمال . فلو
رفع صوته قدر ما يبلغ ، ولكن كانوا كلهم [ ص: 28 ] أو بعضهم صما ، فوجهان . الصحيح : لا تصح ، كما لو بعدوا . والثاني : تصح ، كما لو حلف لا يكلم فلانا ، فكلمه بحيث يسمع ، فلم يسمع لصممه ، حنث ، وكما لو سمعوا الخطبة ، ولم يفهموا معناها ، فإنها تصح .
وينبغي للقوم أن
يقبلوا بوجوههم إلى الإمام ، وينصتوا ، ويسمعوا . والإنصات : هو السكوت . والاستماع : هو شغل السمع بالسماع . وهل
الإنصات فرض ، والكلام حرام ؟ فيه قولان . القديم و ( الإملاء ) : وجوب الإنصات ، وتحريم الكلام . والجديد : أنه سنة ، والكلام ليس بحرام . وقيل : يجب الإنصات قطعا . والجمهور أثبتوا القولين . وهل يحرم الكلام على الخطيب ؟ فيه طريقان . المذهب : لا يحرم قطعا . والثاني : على القولين . ثم جميع هذا الخلاف في الكلام الذي لا يتعلق به غرض مهم ناجز . فأما إذا رأى أعمى يقع في بئر ، أو عقربا تدب على إنسان ، فأنذره ، أو علم إنسانا شيئا من الخير ، أو نهاه عن منكر ، فهذا ليس بحرام بلا خلاف . نص عليه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - ، واتفق الأصحاب على التصريح به . لكن يستحب أن يقتصر على الإشارة ، ولا يتكلم ما أمكن الاستغناء عنه . هذا كله في الكلام في أثناء الخطبة .
ويجوز الكلام قبل ابتداء الإمام بالخطبة ، وبعد الفراغ منهما . فأما في
الجلوس بين الخطبتين ، فطريقان ، قطع صاحب ( المهذب )
nindex.php?page=showalam&ids=14847والغزالي ، بالجواز . وأجرى
المحاملي ،
وابن الصباغ ، وآخرون فيه الخلاف .
ويجوز للداخل في أثناء الخطبة ، أن يتكلم ما لم يأخذ لنفسه مكانا . والقولان فيما بعد قعوده .