النوع الثاني : ألفاظ الأكل والشرب ، وفيه مسائل . الأولى :
حلف ، فقال : لا أشرب من ماء هذه الإداوة أو الجرة ، حنث بما
[ ص: 34 ] شرب من مائها من قليل أو كثير . ولو قال : لأشربن من مائها ، بر بما شرب وإن قل . وإن قال : لا أشرب من ماء هذا النهر ، أو لأشربن منه ، فالحكم كالإداوة . ولو قال : لا أشرب من ماء هذه الإداوة أو الحب أو المصنع أو غيرها مما يمكن شرب جميعه ولو في مدة طويلة ، لم يحنث إلا بشرب جميعه . ومتى بقي شيء منه ، لم يحنث . قال في شرح مختصر
الجويني : سوى البلل الذي يبقى في العادة . ولو قال : لأشربن ماء هذه الإداوة أو الحب ، لم يبر إلا بشرب الجميع . ولو قال : لا أشرب ماء هذا النهر أو البحر أو البئر العظيمة ، فهل يحنث بشرب بعضه ؟ وجهان : أحدهما : نعم ، وبه قال
ابن سريج ،
nindex.php?page=showalam&ids=12535وابن أبي هريرة وأصحهما : لا ، وبه قال
أبو إسحاق ، وعامة الأصحاب ، وصححه
nindex.php?page=showalam&ids=14847الشيخ أبو حامد ،
والقاضي أبو الطيب nindex.php?page=showalam&ids=14396والروياني كمسألة الإداوة . قال القاضي : وينبغي أن يقال : لا تنعقد يمينه كما لو حلف : لا يصعد السماء ، لأن الحنث فيه غير متصور . ولو
حلف ليشربن ماء هذا النهر أو البحر ، فوجهان : أحدهما : يبر بشرب بعضه وإن قل ، وأصحهما : لا يبر ببعضه ، وعلى هذا هل يلزمه الكفارة في الحال أم قبيل الموت ؟ وجهان ، أصحهما : الأول ، لأن العجز متحقق في الحال ، وإنما يحسن الانتظار فيما يتوقع حصوله . وقيل : لا تنعقد اليمين أصلا ، لأن البر غير متصور ، ولو
حلف : ليصعدن السماء ، ففي انعقاد يمينه وجهان ، الأصح : الانعقاد ، وعلى هذا فيحكم بالحنث في الحال ، أم قبل الموت ؟ فيه الوجهان . ولو
قال : لأصعدن السماء غدا ، وفرعنا على انعقاد اليمين ، فهل يحنث وتجب الكفارة في الحال ، أم بعد مجيء الغد ؟ فيه الوجهان . ويشبه أن يرجح هنا الثاني . وعلى هذا ، فهل يحنث قبيل غروب الشمس من الغد ، أم قبل ذلك ؟ فيه خلاف سيأتي في نظيره إن شاء الله تعالى . ولو
حلف : لا يصعد السماء ، فهل ينعقد [ ص: 35 ] يمينه ؟ وجهان ، أحدهما : نعم ، وإن لم يتصور الحنث ، كما لو حلف أنه فعل كذا أمس ، وهو صادق ، وأصحهما : لا ، بخلاف صورة الاستشهاد ، لأن الحلف هناك محتمل الكذب .
فرع
قال : لأشربن ماء هذه الإداوة ، ولا ماء فيها ، أو لأقتلن فلانا وهو ميت ، فأربعة أوجه . أصحها : أنه يحنث وتجب الكفارة في الحال ، والثاني : قبيل الموت ، والثالث : لا تنعقد اليمين ، والرابع : يحنث في القتل دون الشرب . ولو قال : لأقتلن فلانا وهو يظنه حيا وكان ميتا ، ففي الكفارة خلاف بناء على يمين الناسي .
فرع
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب : قال الأصحاب : لو
قال : والله لا آكل خبز الكوفة ، أو خبز بغداد ، لم يحنث بأكل بعضه ، إلا أن ينوي غير ذلك .
فرع
قال : لأشربن ماء هذه الإداوة . فانصب قبل أن يشرب ، أو مات الحالف ، نظر ، إن كان بعد الإمكان ، حنث . وإن كان قبله ، فقولان كالمكره . ولو قال : لأشربن منه ، فصبه في حوض ، ثم شرب منه من موضع يعلم أنه وصل إليه ، بر ، وإن حلف : لا يشرب منه ، فصبه في حوض وشرب منه ، حنث . وكذا لو
حلف : لا يشرب من لبن هذه البقرة ، فخلط بلبن غيرها ، بخلاف ما لو
حلف : لا يأكل هذه [ ص: 36 ] التمرة ، فخلطها بصبرة ، لا يحنث إلا بأكل جميع الصبرة ، والفرق ظاهر .
فرع
حلف : لا يشرب ماء فراتا أو من ماء فرات ، حمل على الماء العذب من أي موضع كان . وإن قال : من ماء الفرات ، حمل على النهر المعروف . ولو
قال : لا أشرب ماء الفرات ، أو لا أشرب من ماء الفرات ، فسواء أخذ الماء بيده ، أو في إناء فشرب أو كرع فيه ، حنث . ولو
قال : لا أشرب من ماء نهر كذا ، فشرب من ساقية تخرج منه ، أو من بئر محفورة بقرب النهر ، يعلم أن ماءها منه ، حنث . ولو
قال : لا أشرب من نهر كذا ، ولم يذكر الماء ، فشرب من ساقية تخرج منه ، حنث على الأصح ، كما لو أخذ الماء في إناء . ولو
حلف : لا يشرب من هذه الجرة أو غيرها مما يعتاد الشرب منه ، فجعل ماءه في كوز وشربه ، لم يحنث .