الطرف الثاني
في العزل والانعزال وفيه مسائل : الأولى : إذا جن أو أغمي عليه أو عمي أو خرس أو خرج عن أهلية الضبط والاجتهاد لغفلة أو نسيان لم ينفذ حكمه ، وكذا لو
[ ص: 126 ] فسق على الأصح ، فلو زالت هذه الأحوال ، ففي عود ولايته من غير تولية مستأنفة وجهان سبقا في كتاب الوصايا ، الأصح ، لا يعود ، وقطع
السرخسي بعودها في صورة الإغماء . ولو أخبر الإمام بموت القاضي أو فسقه ، فولى قاضيا ، ثم بان خلافه ، لم يقدح في تولية الثاني .
الثانية : في
الحال الذي يجوز فيه عزله ، فإن ظهر منه خلل ، فللإمام عزله ، قال في " الوسيط " : ويكفي فيه غلبة الظن . وإن لم يظهر خلل ، نظر إن لم يكن من يصلح للقضاء ، لم يجز عزله ، ولو عزله لم ينعزل ، وإن كان هناك صالح ، نظر إن كان أفضل منه جاز عزله وانعزل المفضول بالعزل ، وإن كان مثله أو دونه ، فإن كان في العزل به مصلحة من تسكين فتنة ونحوها ، فللإمام عزله به ، وإن لم يكن فيه مصلحة ، لم يجز ، فلو عزله ، نفذ على الأصح مراعاة لطاعة السلطان ، ومتى كان العزل في محل النظر ، واحتمل أن يكون فيه مصلحة ، فلا اعتراض على الإمام فيه ، ويحكم بنفوذه . وفي بعض الشروح أن تولية قاض بعد قاض هل هي عزل للأول ؟ وجهان ، وليكونا مبنيين على أنه هل يجوز أن يكون في بلد قاضيان .
فرع
هل ينعزل القاضي قبل أن يبلغه خبر العزل ؟ قيل : قولان كالوكيل ، والمذهب القطع بأنه لا ينعزل قبله ، لعظم الضرر في نقض أقضيته ، ثم الخلاف فيما إذا عزله لفظا ، أو كتب إليه : أنت معزول ، أو عزلتك ، فأما إذا كتب إليه : إذا أتاك كتابي هذا ، فأنت معزول ، فلا ينعزل قبل أن يصله الكتاب قطعا ، وإن كتب إذا قرأت كتابي فأنت
[ ص: 127 ] معزول ، لم ينعزل قبل القراءة ، ثم إن قرأ بنفسه انعزل ، وكذا إن قرئ عليه على الأصح ؛ لأن الغرض إعلامه بصورة الحال . ولو كان القاضي أميا وجوزناه ، فقرئ عليه ، فالانعزال أولى .
فرع
للقاضي أن يعزل نفسه ، كالوكيل وفي " الإقناع " للماوردي أنه
إذا عزل نفسه لا ينعزل إلا بعلم من قلده .