الثانية :
إذا شهد عنده شهود ، نظر إن عرف فسقهم رد شهادتهم ولم يحتج إلى بحث ، وإن عرف عدالتهم قبل شهادتهم ، ولا حاجة إلى التعديل ، وإن طلبه الخصم وفيه وجه سبق في القضاء بالعلم ، وإن لم يعرف حالهم ، لم يجز قبول شهادتهم والحكم بها إلا بعد الاستزكاء والتعديل ، سواء طعن الخصم فيهم أو سكت . ولو أقر الخصم بعدالتهما ، ولكن قال : أخطأ في هذه الشهادة ، فوجهان ، أحدهما : يحكم بشهادتهما بلا بحث عنهما ؛ لأن البحث لحقه ، وقد اعترف بعدالتهما ، وأصحهما لا بد من البحث والتعديل لحق الله تعالى ، ولهذا لا يجوز
الحكم بشهادة فاسق وإن رضي الخصم ، ولأن الحكم بشهادته يتضمن تعديله ، والتعديل لا يثبت بقول واحد .
وإن صدقهما فيما شهدا به ، قضى القاضي بإقراره بالحق ، واستغنى عن البحث عن حالهما ، وكذا لو شهد واحد فصدقه ، ولو شهد معلوما العدالة ، ثم
أقر المشهود عليه بما شهدا به قبل حكم القاضي ، فهل يستند الحكم إلى الإقرار دون الشهادة أم إليهما جميعا ؟ وجهان حكاهما
الهروي ، قال : والصحيح منهما الأول ، والثاني حكاه الفوراني في المناظرة ، وذكر
الهروي أنه لو بعد الحكم بشهادتهما ، فقد مضى الحكم مستندا إلى الشهادة ، سواء وقع إقراره بعد تسليم المال إلى المشهود له أم قبله ، وفيما قبل التسليم وجه ضعيف ، وأنه لو
قال الخصم للشاهد قبل أداء الشهادة ما تشهد به علي فأنت عدل صادق ، لم يكن ذلك إقرارا ، لكنه تعديل للشاهد إن كان من أهل التعديل .
[ ص: 168 ] فرع
إذا
جهل القاضي إسلام الشاهد ، لم يقنع بظاهر الدار ، بل يبحث عنه ، ويكفي فيه قول الشاهد .
ولو
جهل حريته بحث أيضا ، ولا يكفي فيه قوله على الأصح ؛ لأنه لا يستقل بها بخلاف الإسلام ، وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=13459ابن كج وجها أن الاستزكاء لا يجب مطلقا إلا إذا طلبه الخصم وليس بشيء .
فرع
قال في العدة : إذا
استفاض فسق الشاهد بين الناس ، فلا حاجة إلى البحث والسؤال ، ويجعل المستفيض كالمعلوم .