المسألة الرابعة :
إذا ارتاب القاضي بالشهود ، أو توهم غلطهم لخفة عقل وجدها فيهم ، فينبغي أن يفرقهم ، ويسأل كل واحد منهم عن وقت تحمل الشهادة عاما وشهرا ويوما وغدوة أو عشية ، ومكان محلة وسكة ، ودار وصفة ، ويسأل أتحمل وحده أم مع غيره وأنه كتب شهادته أم لا ، وأنه كتب قبل فلان أم بعده ، وكتبوا بحبر أم بمداد ونحو ذلك ، ليستدل على صدقهم إن اتفقت كلمتهم ، ويقف إن لم تتفق .
وإذا أجابه أحدهم ، لم يدعه يرجع إلى الباقين حتى يسألهم القاضي لئلا يخبرهم بجوابه ومتى اتفقوا على الجواب ، أو لم يتعرضوا للتفصيل ، ورأى أن يعظهم ، ويحذرهم
عقوبة شهادة الزور ، فعل ، فإن أصروا ، وجب القضاء إذا وجد شروطه ، ولا عبرة بما يبقى من ريبة ، وإن لم يجد فيهم خفة ولا ريبة ، فالصحيح الذي عليه الجمهور أنه لا يفرقهم ؛ لأن فيه غضا منهم . وقال
الروياني : يفرقهم ، وقال
البغوي : إن فرقهم ، بمسألة الخصم ، فلا بأس ، ثم إن التفريق والاستفصال جعله
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي بعد التزكية ، والصحيح الذي علله العراقيون وغيرهم أنه قبل الاستزكاء ، فإن اطلع على عورة ، استغنى عن الاستزكاء والبحث عن حالهم ، وإن لم يطلع ، فإن عرفهم بالعدالة ، حكم ، وإلا فحينئذ يستزكي ، وهل هذا التفريق والاستفصال واجب أم مستحب ؟ فيه أوجه الصحيح الذي ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13459ابن كج والبغوي ، وعامة الأصحاب وهو الموافق للفظ " المختصر " أنه مستحب والثاني واجب ،
[ ص: 174 ] قاله الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=14847والغزالي . قالا : ولو تركه وقضى مع الارتياب ، لم ينفذ . والثالث : إن سأل الخصم وجب ، وإلا فلا .