فصل
في مسائل منثورة
كتاب قاضي البغاة مقبول على المشهور ، وعن القديم منعه ، أطلق بعضهم أنه لا يجوز للقاضي أن يكتب كتابا في غير محل ولايته ، والذي يستمر على أصل
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - ما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12847ابن القاص أنه لا يحكم ولا يشهر في غير محل ولايته ، وأما الكتاب ، فلا بأس به . ولو حكم القاضي ببينة أقامها وكيل رجل في وجه وكيل آخر ، فحضر المدعى عليه ، وقال : كنت عزلت وكيلي قبل قيام البينة ، لم ينفعه ؛ لأن القضاء على الغائب جائز . ولو حضر المدعي ، وقال : كنت عزلت وكيلي ، وقلنا بانعزال الوكيل قبل بلوغ الخبر ، لم يصح الحكم ؛ لأن القضاء للغائب باطل .
وإذا أراد شهود كتاب ، حكمي التخلف في الطريق في موضع فيه قاض وشهود ، فصاحب الكتاب إما أن يشهد على كل واحد منهم شاهدين يحضران معه ويشهدان عند القاضي الذي يقصده ، وإما أن يعرض الكتاب على قاضي البلد الذي يتخلفون فيه ، ليشهدوا عنده به ، فيضمنه ، ويكتب به إلى القاضي الذي يقصده .
وإن كان التخلف حيث لا قاض ولا شهود ، قال
البغوي : ليس لهم ذلك ، بل عليهم الخروج إلى موضع فيه قاض وشهود ، فإن طلبوا أجرة الخروج إليه ، فليس لهم إلا نفقتهم ، وكذا دوابهم بخلاف ما لو طلبوا أكثر من ذلك
[ ص: 200 ] عند ابتداء الخروج من بلد القاضي الكاتب ، حيث لا يكلفون الخروج ، والقناعة به ؛ لأن هناك يتمكن من إشهاد غيرهم ، وإذا ألزم المكتوب إليه الخصم بالحق ، فطلب أن يكتب له كتابا بقبضه ، فهل على القاضي إجابته ؟ وجهان ، قال
الاصطخري : نعم ، لئلا يطالب مرة أخرى ، وقال الجمهور : لا ؛ لأن الحاكم إنما يطالب بإلزام ما حكم به ، وثبت عنده ، ويكفي للاحتياط إشهاد المدعي على قبضه الحق . ولو طالبه بتسليم الكتاب الذي ثبت الحق به ، لم يلزمه دفعه إليه ، وكذا من له كتاب بدين ، واستوفاه ، أو بعقار فباعه ، لا يلزمه دفعه إلى المستوفى منه ، وإلى المشتري ؛ لأنه ملكه ، ولأنه قد يظهر استحقاق فيحتاج إليه ، وبالله التوفيق .