صفحة جزء
فصل

قسمة المتشابهات هل هي بيع أم إفراز حق ؟ قولان ، قال البغوي وآخرون : الأظهر كونها بيعا ، وقال الغزالي : الأظهر كونها إفرازا ، قال صاحب العدة : وعليه الفتوى ، وهذا يوافقه جواب الأصحاب في مسائل متفرقة تتفرع على القولين .

قلت : أشار الرافعي في " المحرر " إلى اختيار الإفراز ، فإنه قال فيه قولان ذكر أن الفتوى على الإفراز هذا كلامه ، فالمختار ترجيح الإفراز . والله أعلم .

ثم قيل : القولان فيما إذا جرت القسمة إجبارا ، فإن جرت [ ص: 215 ] بالتراضي فبيع قطعا . وقيل القولان في الحالين ، قال البغوي : والأصح الطريق الأول ، ثم القول بأنها بيع لا يمكن إطلاقه في كل ما حصل لكل منهما ، بل النصف الذي صار في يده ، كان نصفه له ، ونصفه لصاحبه ، فالقسمة إفراز فيما كان لصاحبه على هذا القول . وأما قسمة التعديل ، فالمذهب أنها بيع ، وقيل فيه القولان ، وقسمة الرد بيع ، كذا قاله الجمهور ، وقيل : بيع فيما يقابل المردود ، وفيما سواه الخلاف في قسمة التعديل .

فرع

إذا قلنا : القسمة بيع ، فاقتسما ربويا ، وجب التقابض في المجلس ، ولم تجز قسمة المكيل وزنا ولا العكس ، ولا يجوز قسمة الرطب والعنب ، وما أثرت فيه النار بتعقيد الأجزاء ، وإن قلنا : إفراز جاز كل ذلك . وتجوز قسمة الجص والنورة كيلا ووزنا على القولين ، ولا تقسم الثمار على رءوس الشجر خرصا إن قلنا : القسمة بيع ، كما لا تباع خرصا ، وإن قلنا : إفراز ، فإن كانت رطبا وعنبا ، جاز ، وإن كان غيرهما ، فلا ؛ لأن الخرص لا يدخل غيرهما ، وإن كان بينهما أرض مزروعة ، فأرادا قسمة الأرض وحدها ، جاز ، وإن طلبها أحدهما أجبر الآخر ، ويجيء على قول : القسمة بيع وجه مذكور في البيع ، وإن أرادا قسمة الأرض وما فيها لم يجز إن اشتد الحب .

أما إن جعلناها إفرازا ، فلأنه قسمة مجهول ومعلوم ، وأما إن جعلناها بيعا فلأنه بيع طعام وأرض بطعام وأرض ، وكذا لو كان بذرا بعد ، وإن كان قصيلا ، جاز ؛ لأنه معلوم مشاهد . وإن أرادا قسمة ما فيها وحده ، فكذا الحكم إن لم ينبت ، أو اشتد الحب ، لم يجز ، وإن كان [ ص: 216 ] قصيلا ، جاز . وإن طلب أحدهما قسمة الأرض ، وما فيها أو قسمة ما فيها وحده ، وامتنع الآخر والحال حال جواز القسمة بالتراضي ، قال الشيخ أبو حامد وصاحبا " المهذب " و " التهذيب " : لا يجبر الممتنع ، ولم يوجهوه بمقنع .

فرع

اقتسما ، ثم تقابلا ، إن قلنا : القسمة بيع ، صحت الإقالة ، وعاد الشيوع ، وإلا فهي لاغية .

فرع

قسمة الملك عن الوقف إن قلنا : بيع ، لا يجوز ، وإن قلنا : إفراز ، جازت ، قال الروياني : وهو الاختيار .

قلت : هذا الذي اختاره الروياني هو المختار ، وهذا إذا لم يكن فيها رد ، أو كان رد من أصحاب الوقف ، فإن كان من صاحب الملك ، لم يجز ؛ لأنه يأخذ بإزائه جزءا من الوقف ، ذكره صاحب " المهذب " وغيره . والله أعلم .

وأما قسمة الوقف بين الموقوف عليهم ، فلا يجوز على القولين ؛ لأن فيها تغيير شرط الواقف ، وقيل : يجوز على قول الإفراز ليرغبوا في العمارة ولا يتواكلوا ، وهذا الوجه حكاه ابن كج عن ابن القطان وحده ، وخصصه بقولنا : الملك في الموقوف للموقوف عليه ، قال : فلو انقرض البطن الأول ، وصار الوقت للبطن الثاني ، انتقضت القسمة .

التالي السابق


الخدمات العلمية