فرع
هل يتعلق الغرم بشهود الإحصان مع شهود الزنى ، وبشهود الصفة مع شهود تعليق الطلاق والعتق ؟ وجهان ، وقيل : قولان ، أصحهما : لا ، وقيل : إن شهدوا بالإحصان بعد شهادة الزنى غرموا ، وإلا فلا ، فإن غرمناهم ، فقالوا : تعمدنا ، لزمهم القصاص ، كشهود
[ ص: 306 ] الزنى . وفي كيفية توزيع الغرم عليهم وعلى شهود الزنى وجهان ، أصحهما : اعتبار النصابين ، فعلى شهود الإحصان ثلث الغرم ، والآخرين ثلثاه ، والثاني يوزع نصفين اعتبارا بالجنسين ، كالقاضي مع الشهود ، وإذا غرمنا شهود الصفة ، غرموا النصف قطعا .
فإذا
شهد أربعة بالزنى ، واثنان بالإحصان ، ورجعوا كلهم بعد الرجم ، فإن قلنا بالأصح : إن شهود الإحصان لا يغرمون ، فالضمان على شهود الزنى ، وإلا فعلى الجميع أثلاثا على الأصح ، ومناصفة على الآخر ، وإن رجع واحد من شهود الزنى ، وواحد من شاهدي الإحصان ، فإن لم نغرم شهود الإحصان ، فعلى الرابع من شهود الزنى ربع الغرم ، وإن غرمناهم ، فإن نصفنا ، فعليه ثمن الغرم ، على الآخر ربع ، وإن ثلثنا ، فعلى كل واحد منهما سدسه ، وإن رجع واحد من أحد الصنفين لا غير ، ففيما عليه هذا الخلاف .
ولو شهد أربعة بالزنى والإحصان جميعا ، ثم رجع أحدهم ، فإن لم نغرم شهود الإحصان ، فعليه ربع الغرم ، وإن غرمناهم ، فقد بقي هنا من تقوم به بحجة الإحصان ، فإن غرمنا الرابع مع ثبات من تقوم به الحجة ، لزمه الربع أيضا ، كما لو رجعوا كلهم ، وإن لم نغرمه ، فلا ضمان عليه بسبب الإحصان ، وأما بسبب الزنى ، فإن نصفنا ، فعليه ثمن الغرم ، وإن ثلثنا ، فسدسه ، وإن رجع ثلاثة وبقي واحدة ، فقد بطل ثلاثة أرباع حجة الزنى ، ونصف حجة الإحصان ، فإن لم نغرم شهود الإحصان ، لزمهم ثلاثة أرباع الغرم ، وإن غرمناهم ، فعلى كل واحد إن نصفنا للرجوع عن الزنى ثمن الغرم ، وعن الإحصان نصف سدسه بتوزيع نصف غرم الإحصان عليهم ، وإن ثلثنا ، فعلى كل واحد للرجوع عن شهادة الزنى سدس الغرم توزيعا للثلثين على الأربعة ، وعن الإحصان ثلث سدسه توزيعا لنصف غرم الإحصان على الراجعين .
ولو شهد أربعة بالزنى ،
[ ص: 307 ] واثنان منهم بالإحصان ، ثم رجعوا بعد الرجم ، فإن لم نغرم شهود الإحصان في المسائل السابقة ، فكذا هنا ، وإن غرمناهم ، فهل يغرم شاهد الأصل هنا زيادة ؟ وجهان ، فإن قلنا : نعم ، عاد الخلاف ، فإن نصفنا فعلى اللذين شهدا بالإحصان ثلاثة أرباع الغرم : النصف بشهادة الإحصان ، والربع بالزنى ، وعلى الآخرين الربع ، وإن ثلثنا ، فعلى شاهدي الإحصان ثلثان ، وعلى الآخرين ثلث ، وإن رجع واحد منهم ، فإن لم نغرم شهود الإحصان ، فعليه ربع الغرم ، وإن غرمناهم ، فإن كان الراجع من شاهدي الإحصان ، فإن نصفنا ، لزمه ثمن الغرم ، وإن ثلثنا ، فالسدس .
ولو
شهد ثمانية بالزنى والإحصان ، ثم رجع أحدهم فلا غرم على الأصح لبقاء الحجتين ، وكذا لو رجع ثان وثالث ورابع ، فإن رجع خامس ، فقد بطلت حجة الزنى ، ولم تبطل حجة الإحصان ، فإن لم نغرم شهود الإحصان ، فعلى الخمسة ربع الغرم لبطلان ربع الحجة ، وإن غرمناهم ، فلا غرم هنا لشهادة الإحصان على الأصح ، لبقاء حجته ، ويغرم الراجعون ربع غرم الزنى وهو السدس إن ثلثنا ، والثمن إن نصفنا ، وإن رجع ستة ، لزمه نصف غرم الزنى ، وهو الثلث إن ثلثناه ، والربع إن نصفناه ، وإن رجع سبعة ، بطلت الحجتان ، ولا يخفى قياسه .
شهد أربعة على رجل بأربعمائة ، ثم رجع أحدهم عن مائة وآخر عن مائتين ، وثالث عن ثلاثمائة ، والرابع عن الجميع ، فالبينة باقية بتمامها في مائتين ، فالأصح أنه لا يجب غرمهما ، ويجب عن الأربعة غرم المائة بالرجوع عنها باتفاقهم ، وعلى الثاني والثالث والرابع ثلاثة أرباع المائة التي اختصوا بالرجوع عنها ، والوجه الثاني على كل واحد حصته
[ ص: 308 ] فيما رجع عنه ، فعلى الأول ربع المائة ، وعلى الثاني خمسون ، وعلى الثالث خمسة وسبعون ، وعلى الرابع مائة .