الخامسة :
الدعوى أنواع ، منها دعوى الدم ، ويشترط تفصيلها كما سبق في القسامة ، وأما دعوى النكاح والبيع ، وسائر العقود ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله : لو ادعى أنه نكح امرأة ، لم يقبل منه حتى
[ ص: 14 ] يقول : نكحتها بولي وشاهدي عدل ، فمن الأصحاب من اكتفى في دعوى النكاح بالإطلاق ، ولم يشترط التعرض لهذا التفصيل ، كما يكتفى في دعوى استحقاق المال بالإطلاق ، وحملوا النص على الاستحباب والتأكيد ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12094أبو علي الطبري : إن ادعى ابتداء النكاح وجب التفصيل ، وإن ادعى دوامه فلا ؛ لأن الشروط لا تعتبر في الدوام ، وأخذ عامة الأصحاب بظاهر النص ، وأوجبوا التفصيل والتعرض للشروط ابتداء ودواما ؛ لأن الفروج يحتاط لها كالدماء ، والوطء المستوفى لا يتدارك كالدم . وأما الجواب عن المال ، فإن كان المدعى نفس المال فإنما اكتفي بالإطلاق ؛ لأن أسبابه لا تنحصر ، فيشق ضبطها ، وإن كان عقدا على مال كبيع وإجارة وهبة ، فثلاثة أوجه أحدها قاله
ابن سريج : يشترط التفصيل ، وذكر الشروط كالنكاح ، والثاني : إن تعلق العقد بجارية اشترط احتياطا البضع ، وإلا فلا ، والثالث وهو أصحها ، ونقله
nindex.php?page=showalam&ids=13459ابن كج عن النص : لا يشترط مطلقا ؛ لأن المقصود المال وهو أخف شأنا ، ولهذا لا يشترط فيها الإشهاد بخلاف النكاح . وأما التعرض في دعوى النكاح لعدم مانع النكاح ، كالردة والعدة والرضاع ، فلا يشترط على الصحيح ؛ لأن الأصل عدمها ، ولكثرتها ، فإن شرطنا التفصيل في النكاح ، فيقول : نكحتها بولي وشاهدين . ويشترط وصف الولي والشاهدين بالعدالة على الصحيح ، وقياسه وجوب التعرض لسائر الصفات المعتبرة في الأولياء ، ولا يشترط تعيين الشاهدين والولي ، والغرض أن يعرف أن النكاح لم يخل عن ولي وشاهدين ، ويشترط التعرض لرضا المرأة إن كان رضاها شرطا ، فإن كانت أمة ، اشترط التعرض للعجز عن الطول ، ولخوف العنت على الأصح ، وإن شرطنا التفصيل في دعوى البيع ، قالوا : يقول : تعاقدنا بثمن معلوم ونحن جائزا التصرف ، وتفرقنا عن تراض ، ويشترط في الشهادة على النكاح
[ ص: 15 ] التفصيل إن قلنا باشتراطه في دعوى النكاح ، وفي فتاوى
القفال أنه يشترط أن يقولوا بعد تفصيل النكاح : ولا نعلم أنه فارقها ، أو وهي اليوم زوجته ، والإقرار بالنكاح يكفي فيه الإطلاق على المذهب ؛ لأنها لا تقر إلا عن تحقق ، وقيل : في اشتراط التفصيل فيه الخلاف في الدعوى والشهادة ، وهو ضعيف . ولو شهدوا على إقرارها ، لم يشترط أن يقولوا : ولا نعلم أنه فارقها ، ولتكن الشهادة على البيع والإقرار إذا أوجبنا التفصيل في البيع على قياس ما ذكرنا في النكاح ، ونقلوا في اشتراط تقييد النكاح والبيع المدعيين بالصحة وجهين ، وبالاشتراط أجاب
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي في " الوجيز " وقال في " الوسيط " : الوجه القطع باشتراطه في النكاح ، وأشار إلى أن الوجهين مفرعان على أنه لا يشترط تفصيل الشرائط ، وإيراد
الهروي يقتضي اطرادهما مع اشتراط التفصيل ليتضمن ذكر الصحة نفي المانع .
واعلم أن دعوى النكاح تارة تكون على المرأة ، وتارة على وليها المجبر ، كما سبق في مسألة تزويج الوليين المرأة بشخص ، وسبق هناك أن الأئمة قالوا : لو ادعى كل واحد من الزوجين سبق نكاحه ، وعلم المرأة به ، بني على أن إقرارها به هل يقبل ؟ إن قلنا : لا ، فلا تسمع دعواهما عليها ، وإن قلنا : نعم وهو الأظهر سمعت ، وهذا يقتضي كون سماع دعوى النكاح عليها أبدا فيه هذا الخلاف ، فكأنهم لم يذكروه هنا اقتصارا على الأظهر .