النوع الرابع :
صلاة شدة الخوف .
فإذا التحم القتال ولم يتمكنوا من تركه بحال ، لقلتهم ، وكثرة العدو ، أو اشتد الخوف وإن لم يلتحم القتال ، فلم يأمنوا أن يركبوا أكتافهم ، لو ولوا عنهم ، أو انقسموا ، صلوا بحسب الإمكان ، وليس لهم التأخير عن الوقت . ويصلون ركبانا ومشاة ، ولهم
ترك استقبال القبلة إذا لم يقدروا عليها ، ويجوز اقتداء بعضهم ببعض مع اختلاف الجهة ، كالمصلين حول
الكعبة وفيها .
قلت : قال أصحابنا : وصلاة الجماعة في هذه الحالة أفضل من الانفراد ، كحالة الأمن . - والله أعلم - .
وإنما يعفى عن ترك استقبال القبلة إذا كان بسبب العدو ، فلو انحرف عن القبلة بجماح الدابة ، وطال الزمان ، بطلت صلاته . وإذا لم يتمكن من إتمام الركوع والسجود ، اقتصروا على الإيماء بهما وجعلوا السجود أخفض من الركوع ، ولا يجب على الماشي استقبال القبلة في الركوع ولا السجود ، ولا التحرم ، ولا وضع الجبهة على الأرض ، فإنه يخاف الهلاك ، بخلاف المتنفل في السفر ، ويجب الاحتراز عن الصياح بكل حال بلا خلاف ، فإنه لا حاجة إليه ، ولا بأس بالأعمال القليلة ، فإنها محتملة في غير الخوف ، ففيه أولى .
[ ص: 61 ] وأما الأفعال الكثيرة ، كالطعنات ، والضربات المتوالية ، فهي مبطلة إن لم يحتج إليها ، فإن احتاج ، فثلاثة أوجه . أصحها عند الأكثرين وبه قال
ابن سريج ،
والقفال : لا تبطل . والثاني : تبطل . حكاه العراقيون عن ظاهر النص . والثالث : تبطل إن كان في شخص واحد ، ولا تبطل في أشخاص ، وعبر بعضهم عن الأوجه بالأقوال .