الطرف الثاني في
كيفية القرعة والتجربة المترتبة عليها ، وفيه فصلان :
الأول : في
كيفية القرعة ، قد سبق في باب القسمة أن للقرعة طريقين ، أحدهما : أن يكتب أسماء العبيد في رقاع ، ثم يخرج على الرق والحرية . والثاني : أن يكتب في الرقاع الرق والحرية ، ويخرج على أسماء العبيد ، وذكرنا أن من الأصحاب من أثبت قولين في أنه يقرع بالطريق الأول أم الثاني ، وأن في كون ذلك الخلاف في الجواز والأولوية خلافا ، وأن الجمهور قالوا في العتق : يسلك ما شاء من الطريقين ، ولفظه في المختصر يدل عليه ، والطريق الأول أخصر .
واستحب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله على الطريقتين أن تكون الرقاع صغارا ليكون أخفى ، وأن تكون متساوية ، وأن تدرج في بنادق ، وتجعل في حجر من لم يحضر هناك ، كما بينا في القسمة ، وأنه يغطى بثوب ، ويدخل من يخرجها اليد من تحته . كل هذا ليكون أبعد من التهمة ، ولا تتعين الرقاع ، بل تجوز القرعة بأقلام متساوية ، وبالنوى والبعر ، وذكر
الصيدلاني أنه لا يجوز أن يقرع بأشياء مختلفة ، كدواة وقلم وحصاة ، وقد يتوقف في هذا ; لأن المخرج إذا لم يعلم ما لكل واحد منهم لا يظهر حيفه ، ولا يجوز الإعراض عن أصل القرعة ، والتمييز بطريق آخر بأن يتفقوا على أنه إن طار غراب ، ففلان حر ، أو أن من وضع على صبي يده ، فهو حر ، أو أن يراجع شخص لا غرض له
[ ص: 146 ] ونحو ذلك . قال الإمام : فإن كنا نعتق عبدا ، ونرق آخرين ، ورأينا إثبات الرق والحرية ، فقد قال الأصحاب : يثبت الرق في رقعتين ، والحرية في رقعة على نسبة المطلوب في القلة والكثرة ، فإن ما يكثر فهو أحرى بسبق اليد إليه . وفي كلامهم ما يدل على استحقاق ذلك ، ومنهم من عده احتياطا ، وقال : يكفي رقعة للرق وأخرى للحرية ، ثم إذا أخرجنا رقعة باسم أحدهم ، فخرجت للحرية ، انفصل الأمر ، وإن خرجت للرق ، احتجنا إلى إخراجها . قال الإمام : إذا أثبتنا الرق والحرية ، فقال المخرج : أخرج على اسم هذا ، ونازعه الآخرون ، وقالوا : أخرج على أسمائنا ، أو أثبتنا الأسماء ، وقال المخرج : أخرج على الحرية ، وقالوا : أخرج على الرق ، أو تنازع الورثة والعبد ، فقال الورثة : أخرج على الرق ، وقال العبد : على الحرية ، فهذا لم يتعرض له الأصحاب ، وفيه احتمالان ، إن أثبت الرق والحرية ، أحدهما أنه يقرع بين العبيد أولا حتى يتعين من يعرض على الرق والحرية ، فإذا تعين واحد ، أخرجت رقعة على اسمه .
والثاني : أن تثبت الحرية على رقعة ، والرق على رقعتين ، ويعطي المخرج كل عبد رقعة ، وقد سبق في القسمة أن تعيين من يبدأ به من الشركاء والأجراء منوط بنظر القسام ، فيمكن أن يناط هنا بنظر متولي الإقراع من قاض أو وصي ، فيبدأ بمن شاء ، ولا يلتفت إلى مضايقاتهم . واعلم أن إعطاء كل عبد رقعة ، ليس من شرط الإقراع ، بل يكفي الإخراج بأسمائهم وأعيانهم .