الفصل الثاني : في
كيفية تجزئة العبيد ، وهي تقع بحسب الحاجة ، فإن أعتق عبدين لا مال له سواهما ، أقرع بإثبات اسميهما في رقعتين ، وإخراج أحدهما على الرق أو الحرية ، أو بإثبات الرق والحرية في رقعتين ، والإخراج على اسمهما ، ثم إن استوت قيمتهما ، فمن خرج له سهم الحرية ، عتق ثلثاه ، ورق باقيه مع الآخر ، وإن اختلفت قيمتهما
[ ص: 147 ] كمائة ومائتين ، فإن خرجت الحرية لصاحب المائة ، عتق ، ورق الآخر ، وإن خرجت للآخر عتق نصفه ، ورق باقيه مع الآخر . وإن أعتق عبيدا لا مال له سواهم ، فإن كانوا ثلاثة ، واستوت قيمتهم ، فإن شاء كتب أسماءهم وقال للمخرج : أخرج رقعة على الحرية ، فمن خرج اسمه ، عتق ، أو قال : أخرج في الرق حتى يتعين في الآخر الحرية ، والإخراج على الحرية أولى ; لأنه أقرب إلى فصل الأمر . وإن شاء كتب على الرقاع الرق في رقعتين ، والحرية في رقعة ، وقال : أخرج على اسم سالم ، أو أشار إلى عينه وقال : على اسم هذا ، فإن خرج سهم الحرية ، عتق ورق الآخران ، وإن خرج سهم الرق ، رق ، وأمرنا بإخراج رقعة أخرى على اسم غانم ، فإن خرج سهم الحرية ، عتق ، ورق الثالث ، وإن خرج سهم الرق فبالعكس . وإن اختلفت قيمتهم كمائة ومائتين وثلاثمائة ، فإما أن نكتب أسماءهم ، فإن خرج اسم الأول ، عتق وأخرج رقعة أخرى ، فإن خرج اسم الثاني ، عتق نصفه ، وإن خرج اسم الثالث ، عتق ثلثه ، وإن خرج أولا اسم الثاني ، عتق ورق الآخران ، وإن خرج اسم الثالث ، عتق ثلثاه ، ورق باقيه والآخران ، وإما أن نكتب الرق في رقعتين ، والحرية في رقعة ، ونخرج على أسمائهم وإن كانوا أكثر من ثلاثة ، فإن أمكن تسوية الأجزاء عددا وقيمة ، كستة أو تسعة أو اثني عشر ، قيمتهم سواء جزأناهم ثلاثة أجزاء وصنعنا صنيعنا في الثلاثة المتساوين .
وكذا الحكم في ستة ، ثلاثة منهم قيمة كل واحد منهم مائة ، وثلاثة قيمة كل واحد خمسون ، فيضم إلى كل نفيس خسيسا ، ونجعلهم ثلاثة أجزاء ، وفي ستة اثنان منهم ، قيمة كل واحد منهما ثلاثمائة ، واثنان قيمة كل واحد مائتان ، واثنان قيمة كل واحد مائة ، فنجعل اللذين قيمتهما أربعمائة جزءا ، ويضم إلى كل نفيس خسيسا ، فيستوي الأجزاء عددا وقيمة . وإن لم يمكن التسوية
[ ص: 148 ] بالعدد ، وتيسرت بالقيمة ، كخمسة قيمة أحدهم مائة ، وقيمة اثنين مائة ، وقيمة اثنين مائة ، جزأناهم كذلك ، وأقرعنا . وإن أمكن التسوية بالعدد دون القيمة ، كستة ، قيمة أحدهم مائة ، وقيمة اثنين مائة ، وقيمة ثلاثة مائة ، فوجهان ، الصحيح المنصوص : يجزءون بالعدد ، واثنين وثلاثة ، ويقرع بينهم كما ذكرنا . والثاني : يجزءون بالعدد ، فيجعل اللذان قيمتهما مائة جزءا ، والذي قيمته مائة مع واحد من الثلاثة الباقين جزءا ، ويقرع بينهم فيعتق قدر الثلث على ما سبق . وإن لم يمكن التسوية بالعدد ولا بالقيمة ، كثمانية ، قيمتهم سواء ، فقولان ، أظهرهما : يجزءون ثلاثة أجزاء ، بحيث يقرب من التثليث ، فيجعلون ثلاثة وثلاثة واثنين ، ويقرع ، فإن خرج سهم العتق على ثلاثة ، رق غيرهم ، وانحصر العتق فيهم ، ثم يقرع بينهم بسهمي عتق وسهم رق ، فلمن خرج له الرق ، رق ثلثه ، وعتق ثلثه مع الآخرين .
وإن خرج سهم العتق أولا على الاثنين ، عتقا ، وتعاد القرعة بين الستة ، ويجعل كل اثنين جزءا ، فإذا
خرج سهم العتق باسم اثنين ، أعدنا القرعة بينهما ، فمن خرج له سهم الحرية ، عتق ثلثاه . هذا إذا كتبنا في الرقاع الرق والحرية ، وإن كتبنا الأسماء ، فإذا خرج سهم اثنين وعتقا لم تعد القرعة بين الستة ، بل يخرج قرعة أخرى ، ثم يقرع بين الثلاثة المسمين فيها ، فمن خرج له سهم العتق ، عتق ثلثاه ، ولا يجوز على هذا القول أن نجزئهم أربعة واثنين واثنين ، لبعد هذه التجزئة على التثليث .
والقول الثاني : لا يراعى التثليث ، بل يراعى ما هو أقرب إلى فصل الأمر ، فيجوز أن تكتب أسماؤهم في ثمان رقاع ، ويخرج
[ ص: 149 ] واحدة بعد واحدة إلى أن يتم الثلث ، ويجوز أن يجعلوا أرباعا ، ثم إن شئنا أثبتنا اسم كل اثنين في رقعة ، فإذا خرجت واحدة على الحرية ، عتقا ، ثم يخرج رقعة أخرى ، ويقرع بين الاثنين اللذين اسمهما فيها ، فمن خرجت له القرعة ، عتق ثلثه ، وإن شئنا أثبتنا الرق والحرية ، فأثبتنا العتق في واحدة ، والرق في ثلاث ، فإذا خرجت رقعة العتق لاثنين ، عتقا ، ويعيد القرعة بين الستة ، فإذا خرجت لاثنين ، أقرعنا بينهما كما سبق ، ولا يبعد على هذا أن يجوز إثبات العتق في رقعتين ، والرق في رقعتين ، ويعتق الاثنان اللذان خرجت لهما رقعة العتق أولا ، ويقرع بين اللذين خرج لهما رقعتي العتق الثانية ، وإن كان العبيد سبعة ، فعلى القول الأول يجزئهم ثلاثة واثنين واثنين ، وعلى الثاني نجزئ كيف شئنا إلى أن يتم الثلث .
وإن كانوا أربعة قيمتهم سواء فعلى الأول نجزئهم اثنين وواحدا وواحدا فإن خرج سهم العتق لأحد الفردين ، عتق ، ثم يعيد القرعة بين الثلاثة ، فمن خرج له سهم العتق ، عتق ثلثه ، وإن خرج للاثنين ، أقرعنا بينهما ، فمن خرج له سهم العتق ، عتق كله ، وثلث الآخر . وهذا على تقدير إثبات الرق والحرية في الرقاع ، وعلى القول الثاني : يثبت اسم كل واحد في رقعة ، ويخرج باسم الحرية ، فمن خرج اسمه أولا ، عتق ، ومن خرج اسمه ثانيا ، عتق ثلثه ، وإن كانوا خمسة ، قيمتهم سواء ، فعلى الأول يجزئهم اثنين واثنين وواحدا ، وعلى الثاني لنا إثبات أسمائهم في خمس رقاع ، ثم القول في الإيجاب أم في الاستحباب والاحتياط ؟ فيه وجهان ، وبالأول قال القاضي
حسين ، واختاره الإمام ، وبالثاني قال
الصيدلاني ، وهو مقتضى كلام الأكثرين . ولو
أعتق عبدا من عبيد على الإبهام ، فقد يحتاج إلى
[ ص: 150 ] تجزئتهم أربعة أجزاء وخمسة وأكثر ، فيجزءون بحسب الحاجة ، وكذا لو كان على المعتق دين كما سنذكره قريبا إن شاء الله تعالى .