الشرط الثالث : بيان
قدر العوض والأجل ، فيشترط بيان قدر العوض وصفته ، وأقدار الآجال ، وما يؤدى عند حلول كل نجم . فإن كاتب على نقد كفى الإطلاق إن كان في البلد نقد منفرد أو غالب ، وإلا ، فيشترط التبيين . وإن كاتب على عرض ، وصفه بالصفات المشترطة في المسلم ، وإن كاتب على ثوب موصوف على أن يؤدي نصفه بعد سنة ، ونصفه بعد سنة ، ونصفه الآخر بعد انقضاء سنتين ، لم يصح لأنه إذا سلم النصف في السنة الأولى ، تعين النصف الثاني للثانية ، والمعين لا يجوز شرط الأجل فيه ، ولا يشترط تساوي الآجال ، ولا الأقدار المؤداة في آخر الآجال .
ولو كاتبه على مائة على أن يؤدي نصفها أو ثلثها عند انقضاء خمس ، والباقي عند تمام العشر ، أو على أن يؤدي عند تمام
[ ص: 215 ] كل سنة عشرة ، جاز . ولو قال : تؤدي بعضها عند انقضاء نصف المدة ، والباقي عند تمامها ، لم يجز . ولو قال : تؤديها في عشر سنين ، لم يجز على الصحيح . وقيل : يجوز ويوزع المال على عدد السنين . ولو قال : في كل شهر كذا ، وفي سنة كذا ، فهل هو مجهول ، أم يحمل على أول الشهر والسنة ؟ وجهان ، كنظيره في السلم ، وكذا لو قال : في يوم كذا .
ولو قال : في وسط السنة ، فهل هو مجهول ، أم يحمل على نصفها ; لأنه الوسط الحقيقي ؟ وجهان . ولو قال : تؤديها إلى عشر سنين ، لم يجز ; لأنه كتابة إلى أجل واحد . ولو قال : كاتبتك على مائة تؤديها إلى ثلاثة أشهر ، قسط كل شهر عند انقضائه ، جوزه
ابن سريج ، ومنعه
nindex.php?page=showalam&ids=12535ابن أبي هريرة وغيره إذا لم يعلم حصة كل شهر . ولو كاتب على دينار إلى شهر ، ودينارين إلى شهر على أنه إذا أدى الأول ، عتق ، ويؤدي الدينارين بعد العتق ، ففي صحة الكتابة القولان فيما إذا جمعت الصفقة عقدين مختلفين .
فرع
هل يشترط بيان موضع تسليم النجوم ؟ ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13459ابن كج أن فيه الخلاف المذكور في السلم ، وذكر خلافا في أنه لو عين موضع ، فخرب ، هل يسلم فيه ، أم في أقرب المواضع إليه .
فرع
لو
كاتب على مال الغير ، فسدت الكتابة ، فإن أذن رب المال في أن يعطيه لسيده فأعطاه ، عتق ، وإن أعطاه بغير إذن المالك ، لم يعتق ، بخلاف ما إذا قال : إن أديت إلي هذا فأنت حر ، فإنه إذا أداه ، عتق ،
[ ص: 216 ] وإن كان مستحقا ; لأن ذلك محض تعليق ، وهذه كتابة تقتضي التمليك ، فإذا وجد إذن المالك ، وجد ما يقتضي الملك ، لكن يجب الرد والرجوع إلى القيمة لفساد الكتابة .
فرع
إذا شرط أن يشتري أحدهما من الآخر ، فسدت الكتابة . ولو كاتبه وباعه شيئا بعوض واحد ، كقوله : كاتبتك وبعتك هذا الثوب بمائة إلى شهرين ، تؤدي نصفها في آخر كل شهر ، فإذا أديت فأنت حر ، فقال : قبلت الكتابة والبيع ، أو البيع والكتابة ، أو قبلتهما ، فطريقان . أحدهما : على القولين فيمن جمع بين عقدين مختلفي الحكم ، ففي قول : يصحان ، وفي قول : يبطلان .
والثاني وهو المذهب : يبطل البيع ، وفي الكتابة قولا تفريق الصفقة ، فإن صححناها وهو الأظهر ، فيصح بجميع العوض في قول ، وبالقسط على الأظهر ، فيوزع ما سماه على قيمة العبد وقيمة الثوب ، فما خص العبد ، لزمه في النجمين ، فإذا أداه ، عتق . وإن قلنا : فاسدة ، لم يعتق حتى يؤدي جميع المال ليحقق الصفة ثم يتراجعان . قال
الصيدلاني : ويحتمل أن يخرج قول : أنه إذا أدى ما يخص قيمته ، عتق ثم يتراجعان .
فرع
كاتب ثلاثة أعبد صفقة ، فقال : كاتبتكم على ألف إلى وقتي كذا وكذا ، فإذا أديتم ، فأنتم أحرار ، فالنص صحة الكتابة . ولو
[ ص: 217 ] اشترى رجل ثلاثة أعبد ، كل عبد لرجل من ملاكهم صفقة ، فالنص بطلان البيع . ولو نكح نسوة ، أو خالعهن على عوض واحد ، ففي صحة المسمى قولان منصوصان . وقد سبق ذكر هذه الصورة وما فيها من الطرق في كتاب الصداق ، فإن أفسدنا هذه الكتابة ، فأدوا المال ، عتقوا بالتعليق ، وإن أد بعضهم حصته ، فهل يعتق ؟ وجهان أو قولان .
أصحهما : لا ، لعدم كمال الصفة ، كما لو
قال : إن دخلتم الدار ، فأنتم أحرار ، فدخل بعضهم ، لا يعتق . والثاني : نعم ، لأن العتق في الكتابة الفاسدة محمول على المعاوضة ، ولهذا يتراجعان . ومقتضى المعاوضة أن يعتق كل واحد بأداء حصته ، ثم من عتق رجع على السيد بقيمته يوم العتق ; لأن سلطة السيد باقية إلى يوم العتق ، لتمكنه من فسخ الكتابة الفاسدة ، وإن صححنا الكتابة ، وهو المذهب ، وزع المسمى عليهم . ثم المذهب توزيعه على قيمتهم لا على عددهم ، ثم كل عبد يؤدي حصته من النجمين ، فإذا أداها ، عتق ، ولا يتوقف عتقه على أداء غيره . وإن مات بعضهم ، أو عجز ، فهو رقيق ، ويعتق غيره بالأداء ، ولا يقال : علق بأدائهم ; لأن الكتابة الصحيحة يغلب فيها حكم المعاوضة ، ولهذا إذا أبرأ السيد المكاتب ، عتق ، وإذا مات ، لم تبطل الكتابة ، بخلاف التعليقات .