الثالثة : إذا
كاتب الشريكان معا ، ثم أعتق أحدهما نصيبه عتق . وهل يسري إلى نصيب الشريك إن كان موسرا ؟ وجهان أو قولان .
الصحيح المشهور : يسري . وفي وقت السراية قولان .
أحدهما : في الحال ، لئلا تتبعض الحرية .
وأظهرهما : لا يثبت في الحال ؛ لأنه قد انعقد سبب الحرية في النصف الآخر ، وفي التعجيل ضرر على السيد ؛ لفوات الولاء ، وبالمكاتب بانقطاع الولد والكسب عنه .
فإن قلنا : تتعجل السراية ، فهل تنفسخ الكتابة في نصيب الشريك ، أم يسري العتق مع بقاء الكتابة ؟ وجهان .
الصحيح وبه قطع الجمهور : تنفسخ ؛ لأن الإعتاق أقوى من الكتابة ، فعلى هذا يعتق كله على الشريك للمعتق ، ويكون له الولاء .
والثاني : يسري العتق مع بقاء الكتابة ؛ لئلا يبطل حق الغير ، فعلى هذا ولاء النصف الآخر للشريك ، لا للمعتق حينئذ .
وإن قلنا : لا تتعجل السراية ، فأدى نصيب الآخر من النجوم عتق عن الكتابة ، وكان الولاء بينهما .
وإن عجز ، وعاد إلى الرق ثبتت السراية حينئذ ، ويكون الولاء كله للمعتق ، ويجيء الخلاف في أنها ثبتت بنفس العجز ، أم بأداء القيمة ، أم يثبت بأداء القيمة حصول التعليق من وقت العجز ، ويجري هذا الخلاف على قولنا بتعجيل السراية .
وإن
مات قبل الأداء والعجز ، فقد [ مات ] بعضه رقيقا وبعضه حرا . وهل يورث ؟ فيه القولان السابقان في الفرائض .
ولو
أبرأه أحد الشريكين عن نصيبه من النجوم ، فهو كما لو أعتقه ، والقول
[ ص: 239 ] في السراية ، وفي وقتها كما ذكرنا لو أعتق أحدهما نصيبه . ولو
قبض أحدهما نصيبه من النجوم برضى صاحبه ، فهل يعتق نصيبه ؟ فيه خلاف سنذكره في الحكم الثاني إن شاء الله تعالى .
فإن قلنا : يعتق ، فهو كالإعتاق في السراية ووقتها .
قال الإمام : ولا نقول : إنه مجبر على القبض فلا يسري ؛ لأنه مختار في إنشاء الكتابة التي اقتضت إجباره على القبض ، فهو كما لو قال أحد الشريكين : إذا طلعت الشمس فنصيبي حر ، فإذا طلعت عتق نصيبه وسرى ؛ لأنه مختار في التعليق .
ولو كاتب عبدا ومات عن ابنين ، فعتق أحدهما نصيبه ، وقلنا : يعتق نصيبه على ما سيأتي إن شاء الله تعالى لم يسر ؛ لأنه مجبر على القبض وابتداء الكتابة لم يصدر منه .
فرع
قال العبد لمالكيه وقد كاتباه : قد أعطيتكما النجوم ، وأنكرا ، صدقا باليمين ، وإن صدقه أحدهما ، وكذبه الآخر ، عتق نصيب المصدق ، ويصدق المكذب بيمينه .
وهل يسري العتق ؟ فيه خلاف سنذكره قريبا إن شاء الله تعالى ، والمذهب : المنع ، والاختلاف في غير النجم الأخير كالاختلاف فيه ؛ لأن العتق لا يحصل بغير الأخير .
ولو قال المكاتب لأحدهما : دفعت إليك جميع النجوم لتأخذ نصيبك ، وتدفع نصيب الآخر إليه ، فقال : دفعت إلي نصيبي ، ودفعت نصيب الآخر إليه بنفسك ، وأنكر الآخر القبض ، عتق نصيب المقر ، وصدق في أنه لم يقبض نصيب الآخر بيمينه ، وصدق الآخر في أنه لم يقبض
[ ص: 240 ] نصيبه ، ولا حاجة إلى اليمين ؛ لأن المكاتب لا يدعي عليه شيئا .
ثم يتخير المنكر بين أن يأخذ حصته من النجوم من العبد ، وبين أن يأخذ من المقر نصف ما أخذ ؛ لأن كسب المكاتب متعلق حقهما بالشركة ، ويأخذ الباقي من العبد ، ولا تقبل شهادة المقر عليه ؛ لأنه متهم بدفع المشاركة عنه .
وإذا
عجز المكاتب عما طالب المنكر به ، فله تعجيزه وإرقاق نصيبه . ثم عن نصه في " الإملاء " أنه يقوم ما أرقه على المقر ، ونقله
ابن سلمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13131وابن خيران إلى الصورة السابقة ، وجعلوا التقويم عند العجز في الصورتين على قولين ، وامتنع الجمهور من نقله إلى تلك الصورة ، وفرقوا بأن العبد هناك يقول : أنا حر كامل الحال فلا يستحق التقويم ، وهنا يعترف بأن نصيب المنكر منه لم يعتق .
ولو قال المكاتب لأحدهما : دفعت النجوم إليك لتأخذ نصيبك وتدفع نصيب الآخر إليه ، كما صورنا ، فقال في الجواب : قد فعلت ما أمرت به فأنت عتيق ، وأنكر الآخر ، عتق نصيب المقر ، وصدق المنكر بيمينه ، فإذا حلف بقي نصيبه مكاتبا ، وله الخيار بين أخذ حصته من المكاتب ، وبين أخذه من المقر لإقراره بأخذها ، ومن أيهما أخذ ، عتق نصيبه .
ثم إن أخذها من المكاتب فله الرجوع على المقر ؛ لأنه وإن صدقه في الدفع إلى الشريك ، فإنه كان ينبغي أن يشهد عليه .
وإن أخذها من المقر فلا رجوع له على المكاتب ؛ لاعترافه بأنه مظلوم . فإذا اختار الرجوع على المكاتب ، فلم يأخذ حصته من المقر ، ولم يدفعها إلى المنكر ، وعجز نفسه ، فنصفه حر ، ونصفه رقيق ، فيقوم على المقر فيأخذ المنكر منه قيمة النصف ، ويأخذ أيضا ما أقر بقبضه له ، فإنه كسب النصف الذي كان ملكه .