السادسة : إذا خرج بعض النجوم مستحقا ، تبين أن لا عتق ؛ لأن الأداء لم يصح ، وإن ظهر الاستحقاق بعد موت المكاتب تبين أنه مات رقيقا ، وأن ما تركه للسيد دون الورثة .
ولو قال السيد عند الأخذ : اذهب فأنت حر ، أو قد عتقت ثم بان الاستحقاق ، فهل يحكم بالحرية مؤاخذة له أم لا ؛ لأنه بناه على ظاهر الحال ، وهو صحة الأداء ؟ وجهان ، أصحهما : الثاني ، وهو المنصوص ، وهما كالوجهين فيما إذا خرج المبيع مستحقا وكان قد قال في مخاصمة المدعي : إنه كان ملكا للبائع فلان إلى أن اشتريته منه أنه هل يرجع بالثمن على بائعه ؟ وجزم
البغوي بالأصح في المسألتين .
ثم قال : ولو
اختلفا فقال المكاتب : أعتقتني بقولك : أنت حر ، وقال السيد : أردت أنك حر بما أديت ، وبان أنه لم يصح الأداء ، فالقول قول السيد بيمينه ، وهذا السياق يقتضي أن مطلق قول السيد محمول على أنه حر بما أدى ، وإن لم يذكر إرادته ، قال
الصيدلاني : وقياس تصديق السيد أنه لو
[ ص: 248 ] قيل لرجل : طلقت امرأتك ؟ فقال : نعم ، طلقتها ، ثم قال : إنما قلت ذلك على ظن أن اللفظ الذي جرى طلاق ، وقد سألت المفتين فقالوا : لا يقع به شيء . وقالت المرأة : بل أردت إنشاء الطلاق أو الإقرار به ، أنه يقبل قوله بيمينه ، وكذا الحكم في مثله في العتق ، وهكذا قد ذكره غيره ، ونقله
الروياني ، ولم يعترض عليه ، لكن قال الإمام هذا عندي غلط ؛ لأن الإقرار جرى بصريح الطلاق ، فقبول قوله في دفعه محال .
ولو فتح هذا الباب لما استقر إقرار بخلاف إطلاق لفظ الحرية عقيب قبض النجوم ، فإنه محمول على الإخبار عما يقتضيه القبض ، ولم توجد الإشارة في الطلاق إلى واقعة ، وإنما وجد سؤال مطلق ، وجواب مطلق .
وفي كلام الإمام إشعار بأن قوله : أنت حر ، إنما يقبل تنزيله على الحرية بموجب القبض إذا رتبه على القبض ، وإن في مسألة الطلاق لو وجد قرينة عند الإقرار ، بأن كانا يتخاصمان في لفظة أطلقها ، فقال ذلك ، ثم ذكر التأويل ، يقبل ، وأن في الصورتين لو انفصل قوله عن القرائن لم يقبل التأويل .
وهذا تفصيل قويم لا بأس بالأخذ به ، لكن قال في " الوسيط " : لا فرق بين أن يكون قوله : أنت حر جوابا عن سؤال حريته أم ابتداء ، وبين أن يكون متصلا بقبض النجوم ، أو غير متصل ؛ لشمول العذر . ومال لذلك إلى قبول التأويل في الطلاق وغيره .