الرابعة : إذا
أوصى السيد بالمكاتب صحت الوصية على القديم الذي نصحح بيعه ، ولا يصح على الجديد .
فعلى هذا لو قال :
إن عجز مكاتبي ، وعاد إلى الرق ، فقد أوصيت به لفلان ، فوجهان ، أحدهما : لا يصح اعتبارا بحال التعليق ، وكما لو قال : إن ملكت عبد فلان ، فهو حر .
والثاني وهو الصحيح وبه قطع الجمهور : تصح الوصية كما لو أوصى بثمرة نخلته ، وحمل جاريته ، وكما لو
قال : إن ملكت عبد [ ص: 275 ] فلان ، فقد أوصيت به ، فإن قلنا بالصحيح ، فعجز ، وأراد الوارث إنظاره ، فللموصى له تعجيزه ، وليأخذه وإنما يعجزه بالرفع إلى الحاكم كما سبق في المجني عليه .
ولو
أوصى بالنجوم التي عليه صحت وإن لم تكن مستقرة كما تصح الوصية بالحمل . وإن لم يكن مملوكا في الحال ، فإن أداها فهي للموصى له ، وولاء المكاتب للسيد .
وإن عجز فللوارث تعجيزه وفسخ الكتابة . وإن أنظره الموصى له ، فهل للموصى له إبراؤه عن النجوم ؟ فيه احتمالان
لابن كج والقاضي حسين .
ولو
أوصى لواحد برقبته إن عجز ولآخر بالنجوم صحت الوصيتان ، فإن أدى المال ، بطلت الأولى . وإن رق بطلت الثانية .
ولو
أوصى لرجل بما يعجله المكاتب ، فلم يعجل ، وأدى النجوم في محلها بطلت الوصية ، ولا يجبر على التعجيل لتنفيذ الوصية .
هذا كله في الكتابة الصحيحة ، أما إن
كاتبه كتابة فاسدة ، ثم أوصى برقبته ، فإن كان عالما بفساد الكتابة صحت الوصية .
قال
الصيدلاني وغيره : وتتضمن الوصية فسخ الكتابة . وإن كان يظن صحتها ، فقولان ، أحدهما : لا تصح الوصية ؛ لأنه أوصى معتقدا بطلان الوصية ، وأظهرهما : تصح اعتبارا بحقيقة الحال .
ومنهم من طرد القولين فيما لو كان عالما بفساد الكتابة ؛ لأن الفاسدة [ كالصحيحة في حصول العتق ] وغيره ، بخلاف ما لو باع بيعا فاسدا ، ثم أوصى بالمبيع وهو عالم بفساد البيع ، فإنه يصح قولا واحدا ؛ لأن البيع الفاسد ليس كالصحيح .
وأما إذا أوصى بالمبيع جاهلا بفساد المبيع ، فهو على القولين . ولو
باع المكاتب كتابة فاسدة ، أو المبيع بيعا فاسدا ، [ أو وهب ] ، أو رهن وهو جاهل بالفساد ، فقيل : فيه القولان . وقيل : يبطل قطعا بخلاف الوصية ؛ لأنها تحتمل الغرر . والخلاف
[ ص: 276 ] في هذا [ كله ] كالخلاف فيمن باع مال أبيه ظانا أنه حي فكان ميتا .
وفي معناها ، ما إذا وكل رجلا بشراء عبد ، ثم باعه وهو لا يعلم أن الوكيل اشتراه له ، أو باع مال اليتيم وهو لا يعلم أن أباه جعله وصيا له ، فبان أنه جعله .