فصل
السيد ممنوع من وطء المكاتبة لاختلال ملكه ، فإن شرط في الكتابة أن يطأها فسد العقد ، فإن وطئ فلا حد وإن علم التحريم للشبهة ، وفي قول : يحد العالم ، والمشهور الأول ، لكن يعزر على الصحيح هو وهي ، ويجب المهر مع العلم والجهل .
وقيل : إن طاوعته فلا مهر ، والصحيح الأول ، وهو نصه في " الأم " ، وإذا وجب المهر ، فلها أخذه في الحال ، فإن حل عليها نجم ، وهما من جنس ، فعلى أقوال التقاص .
وإن عجزت قبل أخذه سقط . وإن عتقت بالأداء ، فلها المطالبة . ولو أولدها فالولد حر ؛ لأنها علقت به في ملكه ، وتصير مستولدة .
وهل يلزمه قيمة الولد ؟ إن قلنا : ولد المكاتبة قن للسيد ، أو قلنا : يتكاتب وحق الملك فيه للسيد ، فلا شيء عليه كما لو قتل ولد المكاتبة .
وإن قلنا : الحق لها لزمه لها القيمة ، فإن عجزت قبل الأخذ سقطت ، وإن عتقت ، أخذتها ، وإن ولدت بعد ما عجزت ، ورقت فلا شيء لها ، وكذا لو ولدت بعد ما عتقت ، فإن عجزت ثم مات السيد عتقت بالاستيلاد ، والأولاد الحادثون بعد الاستيلاد من نكاح أو زنى ، يتبعونها ، والحاصلون قبلها أرقاء للسيد . وإن مات
[ ص: 291 ] السيد قبل عجزها عتقت . قال
البغوي : ويتبعها كسبها . وهل يعتق عن الكتابة أم عن الاستيلاد ؟ وجهان .
أصحهما : الأول كما لو
أعتق السيد المكاتب ، أو أبرأه عن النجوم ، فعلى هذا الأولاد الحادثون بعد الكتابة وقبل الاستيلاد ، هل يتبعونها ؟ فيه الخلاف السابق ، وأجري هذا الخلاف فيما لو علق عتق المكاتب بصفة ، فوجدت قبل أداء النجوم ، وفيما إذا تقدم الاستيلاد على الكتابة .
قال
البغوي : وإذا
استولد ثم كاتب وأدت النجوم ، فالكسب الحاصل بعد الكتابة يتبعها ، والحاصل قبلها للسيد ، والأولاد الحاصلون بعد الاستيلاد يتبعونها ، وهذا مبني على صحة كتابة المستولدة وقد سبق فيه خلاف .
فرع
ليس
للسيد وطء أمة مكاتبه أو مكاتبته ، فإن وطئ فلا حد للشبهة ؛ لأنه يملك سيدها ، ويلزمه المهر للمكاتب .
وإن أولدها فالولد حر نسيب ، وتصير الأمة مستولدة له . قال في " الشامل " : يلزمه قيمتها لسيدها لأنها ملكه ، ولا يلزمه قيمة الولد ؛ لأنها وضعته في ملكه ، ويجيء فيه الخلاف السابق .
وللسيد وطء بنت المكاتبة إن لم يثبت حكم المكاتبة في ولد المكاتبة ، فإن أثبتناه فليس له وطؤها ولكن لا حد عليه .
وأما المهر فيبنى على الخلاف في الكسب . إن قلنا : يصرف إلى السيد في الحال ، فلا مهر عليه ، وإن قلنا : هو للأم ، فكذا المهر .
وإن قلنا بالتوقف أنفق منه عليها ، ووقف الباقي ، فإن عتقت بعتق الأم فهو لها ، وإن عجزت ، فهو للسيد .
وإن أولدها صارت مستولدة ، والولد حر نسيب ، ولا يلزمه قيمة المستولدة لأمها ؛ لأنها لا تملكها ، وإنما يثبت لها حق العتق بعتقها .
[ ص: 292 ] وقد تأكد ذلك بالاستيلاد هكذا ذكره
ابن الصباغ ، وقد سبق في قتلها قولان في أنه هل تجب القيمة للأم ؟ فينبغي أن يكون كذلك .
قال
البغوي : ويبقى حق الكتابة فيها ، فتعتق بعتق الأم ، ويكون الكسب لها إذا جعلنا الحق فيها للأم ،
فإن مات السيد عتقت البنت بموته ، وتؤخذ القيمة من تركته للأم إذا جعلنا الحق لها كما في القتل . وأما قيمة الولد فعلى ما ذكرنا في ولد المكاتب .