[ ص: 96 ] كتاب الجنائز
يستحب لكل واحد ذكر الموت .
قلت : ويستحب الإكثار منه . - والله أعلم - .
ويستعد له بالتوبة ، ورد المظالم إلى أهلها ، والمريض آكد . ويستحب له
الصبر على المرض ،
وترك الأنين ما أطاق ، ويستحب
التداوي ،
ويستحب لغيره عيادته إن كان مسلما ، فإن كان ذميا له قرابة أو جوار أو نحوهما ، استحبت ، وإلا جازت ، فإن رأى العائد علامة البرء ، دعا وانصرف ، وإن رأى خلاف ذلك ، رغبه في التوبة والوصية .
قلت : ويستحب للعائد أن يطيب نفس المريض ولا يطول القعود ، ولا يواصل العيادة ، بل تكون غبا ، ولا تكره العيادة في وقت إلا أن يشق على المريض . - والله أعلم - .
فصل
في
آداب المحتضر
يستقبل به القبلة . وفي كيفيته وجهان . أحدهما : يلقى على قفاه وأخمصاه إلى القبلة . والثاني وهو الصحيح المنصوص وبه قطع العراقيون وصححه الآخرون :
يضجع على جنبه [ ص: 97 ] الأيمن مستقبل القبلة كالموضوع في اللحد ، فإن لم يمكن لضيق الموضع ، أو سبب آخر ، فعلى قفاه ، ووجهه وأخمصاه إلى القبلة . ويستحب أن
يلقن كلمة الشهادة ، ولا يلح الملقن ولا يواجهه بقول : قل : ( لا إله إلا الله ) بل يذكرها بين يديه ليذكر . أو يقول : ذكر الله تعالى مبارك ، فنذكر الله تعالى جميعا
[ ويقول : ] ( سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ) فإذا قالها مرة لا تعاد عليه ما لم يتكلم بعدها ، ويستحب أن يلقنه غير الورثة ، فإن لم يحضر غيرهم ، لقنه أشفقهم عليه .
قلت : هكذا قال الجمهور ، يلقنه كلمة الشهادة ( لا إله إلا الله ) . وذهب جماعات من أصحابنا إلى أنه يلقن أيضا : محمدا رسول الله . ممن صرح به ، القاضي
أبو الطيب ،
والماوردي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16026وسليم الرازي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14922ونصر المقدسي ،
وأبو العباس الجرجاني ،
والشاشي في ( المعتمد ) والأول أصح . - والله أعلم - .
ويستحب أن يقرأ عنده ( يس ) . واستحب بعض التابعين سورة ( الرعد ) أيضا .
وينبغي له أن يحسن ظنه بالله تعالى ، ويستحب لمن عنده ، تحسين ظنه وتطميعه في رحمة الله تعالى .
فإذا مات غمضت عيناه ،
وشد لحياه بعصابة عريضة ، ويربطها فوق رأسه ،
ويلين مفاصله ، فيمد ساعده إلى عضده ويرده ، ويرد ساقه إلى فخذه ، وفخذه إلى بطنه ، ويردهما ويلين أصابعه ،
وينزع ثيابه التي مات فيها ،
ويستر جميع بدنه بثوب خفيف ، ولا يجمع عليه أطباق الثياب ، ويجعل أطراف الثوب الساتر تحت رأسه ورجليه لئلا ينكشف ،
ويوضع على بطنه شيء ثقيل ، كسيف ، أو مرآة ، أو نحوهما . فإن لم يكن ، فطين رطب ، ويصان المصحف عنه ، ويستقبل به القبلة كالمحتضر ،
ويوضع على شيء مرتفع ، كسرير ونحوه ، ويتولى هذه الأمور أرفق محارمه بأسهل ما يقدر عليه .
قلت : يتولاه الرجال من الرجال ، والنساء من النساء ، فإن تولاه الرجال من النساء المحارم ، أو النساء من الرجال المحارم ، جاز . - والله أعلم - .
[ ص: 98 ] ويبادر إلى
قضاء دينه وتنفيذ وصيته إن تيسر في الحال .
قلت : يكره
تمني الموت لضر نزل به ، فإن كان لا بد متمنيا ، فليقل : (
اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي ) . فإن كان تمنيه مخافة فتنة في دينه فلا بأس .
ويكره للمريض كثرة الشكوى ، وتكره الكراهة على
تناول الدواء . ويستحب للناس أن يقولوا عند الميت خيرا . ويجوز
لأهل الميت وأصدقائه تقبيل وجهه ، ثبتت فيه الأحاديث ، وصرح به
الدارمي . ويكره
نعيه بنعي الجاهلية ، ولا بأس
بالإعلام بموته للصلاة عليه وغيرها . - والله أعلم - .