فصل
إذا
صلى على الجنازة جماعة ، ثم حضر آخرون ، فلهم أن يصلوا عليها جماعة وفرادى ، وصلاتهم تقع فرضا . كالأولين . وأما من صلى منفردا ، فلا يستحب له إعادتها في جماعة على الأصح ، وسواء حضر الذين لم يصلوا قبل الدفن ، أو بعده ، فإن
الصلاة على القبر عندنا جائزة ، ولو دفن بلا صلاة ، أثم الدافنون ، فإن تقديم الصلاة على الدفن واجب ، لكن لا ينبش ، بل يصلون على قبره . وحكي أنه لا يسقط الفرض بالصلاة على القبر ، وهو منكر ، بل غلط . وإلى متى تجوز الصلاة عليه ؟ فيه أوجه . أصحها : يصلي عليه من كان من أهل فرض الصلاة عليه يوم موته ، ولا يصلي غيره . هذا قول
الشيخ أبي زيد . وقال
المحاملي وطائفة : هذا الوجه بعبارة أخرى ، فقالوا : يصلي من كان من أهل الصلاة يوم موته . فعلى العبارة الأولى لا يصلي من كان صبيا مميزا ، وعلى الثانية يصلي ، والأولى أشهر ، والثانية عند
الروياني أصح . والوجه الثاني : يصلى عليه إلى ثلاثة أيام فقط . والثالث : إلى شهر فقط . والرابع : يصلى عليه ما بقي منه شيء في القبر . فإن
[ ص: 131 ] انمحقت الأجزاء كلها ، فلا . فإن شك في الانمحاق ، فالأصل البقاء . وفيه احتمال
nindex.php?page=showalam&ids=12441لإمام الحرمين . والخامس : يصلي أبدا . هذا كله في غير قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولا تجوز الصلاة على قبره - صلى الله عليه وسلم - على الأوجه الأربعة قطعا ، ولا على الخامس على الصحيح . وقال أبو الوليد
النيسابوري : يجوز فرادى ، لا جماعة .
قلت : بقي من الباب بقايا ، منها : أنه لا تكره
الصلاة على الميت في المسجد . قال أصحابنا : بل الصلاة فيه أفضل ، للحديث الصحيح في قصة سهل بن بيضاء في ( صحيح
مسلم ) . وأما الحديث الذي رواه
أبو داود وغيره (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350710من صلى على جنازة في المسجد ، فلا شيء له ) فعنه ثلاثة أجوبة . أحدها : ضعفه . والثاني : الموجود في ( سنن
أبي داود ) (
فلا شيء عليه ) . هكذا هو في أصول سماعنا على كثرتها ، وفي غيرها من الأصول المعتمدة . والثالث : حمله على نقصان أجره إذا لم يتبعها للدفن . ويستحب أن تجعل صفوف الجنازة ثلاثة فأكثر ، للحديث الصحيح فيه . واختلاف نية الإمام والمأموم لا تضر . فلو نوى الإمام الصلاة على حاضر ، والمأموم على غائب أو عكسه ، جاز .
ومن قتل نفسه غسل وصلي عليه ، وإذا صلي على الجنازة مرة ، لا تؤخر لزيادة المصلين ، ولا لانتظار أحد غير الولي ، ولا بأس بانتظار وليها إن لم يخف تغيرها . قال صاحب ( البحر ) : لو صلى على الأموات الذين ماتوا في يومه ، وغسلوا في البلد الفلاني ، ولا يعرف عددهم ، جاز . وقوله صحيح ، لكن لا يختص ببلد . - والله أعلم - .