باب
التعزية
هي سنة ، ويكره الجلوس لها .
ويستحب أن يعزي جميع أهل الميت ، الكبير والصغير ، والرجل والمرأة ، لكن لا يعزي الشابة إلا محارمها ،
وسواء في أصل شرعيتها ، ما قبل الصلاة والدفن ، وبعدهما ، لكن تأخيرها إلى ما بعد الدفن أحسن ، لاشتغال أهل الميت بتجهيزه .
قلت : قال أصحابنا : إلا أن يرى من أهل الميت جزعا شديدا ، فيختار تقديم التعزية ليصبرهم . - والله أعلم - .
ثم
تمتد التعزية إلى ثلاثة أيام ، ولا يعزى بعدها إلا أن يكون المعزي ، أو المعزى غائبا . وفي وجه : يعزيه أبدا ، وهو شاذ . والصحيح المعروف ، الأول . ثم الثانية للتقريب .
فرع
معنى التعزية : الأمر بالصبر والحمل عليه بوعد الأجر ، والتحذير من الوزر بالجزع ، والدعاء للميت بالمغفرة ، وللمصاب بجبر المصيبة ،
فيقول في تعزية المسلم بالمسلم : أعظم الله أجرك ، وأحسن عزاءك ، وغفر لميتك . وفي
تعزية المسلم [ ص: 145 ] بالكافر : أعظم الله أجرك ، وأخلف عليك ، أو ألهمك الصبر ، أو جبر مصيبتك ونحوه . وفي تعزية الكافر بالمسلم : غفر الله لميتك ، وأحسن عزائك . ويجوز
للمسلم أن يعزي الذمي بقريبه الذمي ، فيقول : أخلف الله عليك ، ولا نقص عددك .
فصل
يستحب
لجيران الميت ، والأباعد من قرابته ، تهيئة طعام لأهل الميت ، يشبعهم في يومهم وليلتهم ، ويستحب أن يلح عليهم في الأكل .
قلت : قال صاحب ( الشامل ) وأما
إصلاح أهل الميت طعاما ، وجمعهم الناس عليه ، فلم ينقل فيه شيء ، قال : وهو بدعة غير مستحبة ، وهو كما قال . قال غيره : ولو كان الميت في بلد ، وأهله في غيره ، يستحب لجيران أهله اتخاذ الطعام لهم . ولو قال الإمام
الرافعي : يستحب لجيران أهل الميت ، لكان أحسن ، لتدخل فيه هذه الصورة . - والله أعلم - .
ولو اجتمع نساء ينحن ، لم يجز أن يتخذ لهن طعاما ، فإنه إعانة على معصية .
فصل
البكاء على الميت جائز قبل الموت وبعده ، وقبله أولى .
والندب حرام ، وهو أن يعد شمائل الميت ، فيقال : وا كهفاه ، وا جبلاه ، ونحو ذلك . والنياحة حرام ، والجزع ، بضرب الخد ، وشق الثوب ، ونشر الشعر ، حرام ، وإذا
فعل أهل الميت شيئا من ذلك ، لا يعذب الميت ، والحديث فيه متأول على من أوصى بالنياحة عليه .