صفحة جزء
[ ص: 221 ] فرع

المعجل مضموم إلى ما عند المالك ، نازل منزلة ما لو كان في يده ، فلو عجل شاة من أربعين ، ثم حال الحول ، ولم يطرأ مانع - أجزأه ما عجل ، وكانت تلك الشاة بمنزلة الباقيات عنده . ولو عجل شاة عن مائة وعشرين ، ثم ولدت واحدة ، أو عن مائة فولدت عشرين ، وبلغت غنمه بالمعجلة مائة وإحدى وعشرين - لزمه شاة أخرى وإن كان القابض أتلف تلك المعجلة .

ولو عجل شاتين عن مائتين ، ثم حدثت سخلة قبل الحول ، فقد بلغت غنمه مائتين وواحدة بالمعجلة ، فعليه عند تمام الحول شاة ثالثة ، فلو كانت المعجلة في هاتين الصورتين معلوفة ، أو كان المالك اشتراها فأخرجها - لم يجب شيء زائد ؛ لأن المعلوفة والمشتراة لا يتم بها النصاب ، وإن جاز إخراجهما عن الزكاة ، ثم إن تم الحول ، والمعجل على السلامة ، أجزأه ما أخرج . ثم في تقديره إذا كان الباقي دون النصاب بأن أخرج شاة من أربعين - وجهان : الصحيح الذي قطع به الأصحاب أن المعجل منزل منزلة الباقي في ملك الدافع حتى يكمل به النصاب ويجزئ ، وليس بباق في ملكه حقيقة .

وقال صاحب التقريب : يقدر كأن صاحب الملك لم يزل لينقضي الحول وفي ملكه نصاب . واستبعد إمام الحرمين هذا ، وقال : تصرف القابض نافذ بالبيع والهبة وغيرهما ، فكيف نقول ببقاء ملك الدافع ، وهذا الاستبعاد صحيح إن أراد صاحب التقريب بقاء ملكه حقيقة ، وإن أراد ما قاله الأصحاب ، فقوله صواب . أما إذا طرأ مانع من كون المعجل زكاة ، فينظر ، إن كان المخرج أهلا للوجوب وبقي في يده نصاب ، لزمه الإخراج ثانيا . وإن كان دون النصاب ، فحيث لا يثبت الاسترداد لا زكاة ، وكأنه تطوع بشاة قبل الحول . وحيث ثبت فاسترد ، قال العراقيون : فيه ثلاثة أوجه . أحدها : يستأنف الحول ، ولا زكاة للماضي ؛ لنقص ملكه عن النصاب . والثاني : [ ص: 222 ] إن كان ماله نقدا ، زكاه لما مضى . وإن كان ماشية ، فلا ؛ لأن السوم شرط في زكاة الماشية ، وذلك ممتنع في الحيوان في الذمة . وأصحها عندهم : تجب الزكاة لما مضى مطلقا ؛ لأن المخرج كالباقي في ملكه . وبهذا قطع في التهذيب ، بل لفظه يقتضي وجوب الإخراج ثانيا قبل الاسترداد إذا كان المخرج بعينه باقيا في يد القابض . وقال صاحب التقريب : إذا استرد وقلنا : كأن ملكه زال ، لم يزك لما مضى ، وإن قلنا : يتبين أن ملكه لم يزل ، زكى لما مضى . قال إمام الحرمين : وعلى هذا التقدير الثاني : الشاة المقبوضة حصلت الحيلولة بين المالك وبينها ، فيجيء فيها الخلاف في المغصوب والمجحود .

وكلام العراقيين يشعر بجريان الأوجه بعد تسليم زوال الملك عن المعجل . وكيف كان ، فالأصح عند المعظم وجوب تجديد الزكاة للماضي . أما إذا كان المخرج تالفا في يد القابض ، فقد صار الضمان دينا عليه ، فإن أوجبنا تجديد الزكاة إذا كان باقيا ، جاء هنا قولا وجوب الزكاة في الدين . هذا إذا كان المزكى نقدا ، فإن كان ماشية لم تجب الزكاة بحال ؛ لأن الواجب على القابض القيمة ، فلا يكمل هنا نصاب الماشية . وقال أبو إسحاق : تقام القيمة مقام العين هنا نظرا للمساكين ، والصحيح : الأول .

فرع

لو عجل بنت مخاض عن خمس وعشرين من الإبل ، فبلغت بالتوالد ستا وثلاثين قبل الحول - لم يجزئه بنت المخاض معجلة وإن صارت بنت لبون في يد القابض ، بل يستردها ويخرجها ثانيا أو بنت لبون أخرى . قال صاحب التهذيب لنفسه : فإن كان المخرج تالفا والنتاج لم يزد على أحد عشر فلم تكن إبله ستا وثلاثين إلا بالمخرج - وجب أن لا يجب بنت لبون ؛ لأنا إنما نجعل المخرج كالقائم إذا وقع محسوبا عن الزكاة . أما إذا لم يقع فلا ، بل هو كهلاك بعض المال قبل الحول ، وفيما قدمناه في الوجه الثالث عن العراقيين ما ينازع في هذا .

التالي السابق


الخدمات العلمية