باب زكاة المعشرات
تجب الزكاة في الأقوات ، وهي من الثمار : النخل والعنب ، ومن الحبوب : الحنطة والشعير ، والأرز ، والعدس ، والحمص ، والباقلاء ، والدخن ، والذرة ، واللوبياء والماش ، والهرطمان وهو الجلبان . وأما ما سوى الأقوات فلا تجب الزكاة في معظمها بلا خلاف ، وفي بعضها خلاف . فمما لا زكاة فيه بلا خلاف : التين ، والسفرجل ، والخوخ ، والتفاح ، والجوز ، واللوز ، والرمان ، وغيرها من الثمار ، وكالقطن ، والكتان ، والسمسم ، والإسبيوش وهو بزر القطونا ، والثفاء وهو حب الرشاد ، والكمون ، والكزبرة ، والبطيخ ، والقثاء ، والسلق ، والجزر ، والقنبيط ، وحبوبها وبزورها . ومن المختلف فيه : الزيتون ، فالجديد المشهور : لا زكاة فيه ، والقديم : تجب ببدو صلاحه ، وهو نضجه واسوداده ، ويعتبر فيه النصاب عند الجمهور ، وخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12858ابن القطان اعتبار النصاب فيه وفي سائر ما يختص القديم بإيجاب الزكاة فيه على قولين . ثم إن كان الزيتون مما لا يجيء منه الزيت كالبغدادي ، أخرج عشره زيتونا ، وإن كان مما يجيء منه الزيت كالشامي فثلاثة أوجه ، الصحيح المنصوص في القديم أنه إن شاء الزيت ، وإن شاء الزيتون ، والزيت أولى ، والثاني : يتعين الزيت ، والثالث : يتعين الزيتون ، بدليل أنه يعتبر النصاب بالزيتون دون الزيت بالاتفاق .
[ ص: 232 ] ومنها : الزعفران ، والورس وهو شجر يخرج شيئا كالزعفران ، فلا زكاة فيهما على الجديد المشهور ، وقال في القديم : تجب إن صح الحديث في الورس . فإن أوجبنا فيه ففي الزعفران قولان ، فإن أوجبنا فيهما فالمذهب : أنه لا يعتبر النصاب ، بل تجب في القليل والكثير ، وقيل : فيه قولان .
ومنها :
العسل ، لا زكاة فيه على الجديد ، وعلق القول فيه على القديم ، وقطع
أبو حامد وغيره بنفي الزكاة فيه قديما وجديدا . فإن أوجبنا فاعتبار النصاب كما سبق .
ومنها : القرطم وهو حب العصفر ، الجديد : لا زكاة فيه ، والقديم : تجب . فعلى هذا ، المذهب : اعتبار النصاب كسائر الحبوب ، وفي العصفر نفسه طريقان . قيل : كالقرطم ، وقيل : لا تجب قطعا .
ومنها : الترمس ، الجديد : لا زكاة فيه ، والقديم : تجب . ومنها : حب الفجل ، حكى
nindex.php?page=showalam&ids=13459ابن كج وجوب الزكاة فيه على القديم ، ولم أره لغيره .
فرع
لا يكفي في وجوب الزكاة كون الشيء مقتاتا على الإطلاق ، بل المعتبر أن يقتات في حال الاختيار ، فقد يقتات الشيء في حال الضرورة ، فلا زكاة فيه ، كالفث ، وحب الحنظل ، وسائر بزور البرية . واختلف في تفسير الفث ، فقال المزني وطائفة : هو حب الغاسول ، وهو الأشنان ، وقال آخرون : هو حب أسود يابس ، يدفن فيلين قشره ، فيزال ويطحن ، ويخبز ، تقتاته أعراب طيئ .
واعلم أن الأئمة ضبطوا
ما يجب فيه العشر بقيدين ، أحدهما : أن يكون قوتا ، والثاني : أن يكون من جنس ما ينبته الآدميون . قالوا : فإن فقد الأول كالإسبيوش ، أو الثاني كالفث ، أو كلاهما كالثفاء ، فلا زكاة ، وإنما يحتاج إلى ذكر القيدين من
[ ص: 233 ] أطلق القيد الأول . فأما من قيده فقال : يكون قوتا في حال الاختيار ، فلا يحتاج إلى الثاني ؛ إذ ليس فيما يستنبت إلا ما يقتات اختيارا ، واعتبر العراقيون مع القيدين ، قيدين آخرين . أحدهما : أن يدخر ، والآخر : أن ييبس ، ولا حاجة إليهما ، فإنهما لازمان لكل مقتات مستنبت .