فرع
ابتلاع الريق لا يفطر بشروط .
أحدها : أن يتمحض
الريق ، فلو اختلط بغيره وتغير به ، أفطر بابتلاعه ، سواء كان الغير طاهرا ، كمن
فتل خيطا مصبوغا تغير به ريقه ، أو نجسا كمن دميت لثته وتغير ريقه ، فلو ذهب الدم ، وابيض الريق ، ولم يبق تغير ، هل يفطر بابتلاعه ؟ وجهان .
أصحهما عند الأكثرين : يفطر ، لأنه نجس لا يجوز ابتلاعه . وعلى هذا ، لو
تناول بالليل شيئا نجسا ، ولم يغسل فمه حتى أصبح ، فابتلع الريق ، أفطر .
الشرط الثاني : أن يبتلعه من معدته ، فلو خرج عن فيه ثم رده بلسانه أو بغيره وابتلعه ، أفطر .
ولو أخرج لسانه وعليه الريق ، ثم رده وابتلع ما عليه ، لم يفطر على
[ ص: 360 ] الأصح .
ولو
بل الخياط الخيط بالريق ، ثم رده إلى فيه على ما يعتاد عند الفتل ، فإن لم يكن عليه رطوبة تنفصل ، فلا بأس ، وإن كانت وابتلعها ، فوجهان .
قال
الشيخ أبو محمد : لا يفطر ، كما لا يفطر بالباقي من ماء المضمضة . وقال الجمهور : يفطر ، لأنه لا ضرورة إليه ، وقد ابتلعه بعد مفارقته معدته .
وخص صاحب " التتمة " الوجهين بما إذا كان جاهلا تحريم ذلك ، قال : فإن كان عالما ، أفطر بلا خلاف .
الشرط الثالث : أن يبتلعه على هيئته المعتادة ، فإن جمعه ثم ابتلعه ، فوجهان . أصحهما : لا يفطر .
فرع
النخامة إن لم تحصل في حد الظاهر من الفم ، فلا تضر ، وإن حصلت فيه بانصبابها من الدماغ في الثقبة النافذة منه إلى أقصى الفم فوق الحلقوم ، نظر ، إن لم يقدر على صرفها ومجها حتى نزلت إلى الجوف . لم تضر ، وإن ردها إلى فضاء الفم ، أو ارتدت إليه ثم ابتلعها ، أفطر .
وإن قدر على قطعها من مجراها ، فتركها حتى جرت بنفسها ، فوجهان حكاهما الإمام ، أوفقهما لكلام الأئمة : أنه يفطر لتقصيره .
فرع
إذا
تمضمض فسبق الماء إلى جوفه ، أو استنشق فسبق إلى دماغه ، فالمذهب : أنه إن بالغ فيهما ، أفطر ، وإلا ، فلا . وقيل : يفطر مطلقا ، وقيل : عكسه .
هذا إذا كان ذاكرا للصوم ، فإن كان ناسيا ، لم يفطر بحال . وسبق الماء عند غسل الفم لنجاسة ، كسبقه في المضمضة ، والمبالغة هنا للحاجة ينبغي أن تكون
[ ص: 361 ] كالمضمضة بلا مبالغة . ولو سبق الماء عند غسل تبرد ، أو من المضمضة في المرة الرابعة قال في " التهذيب " : إن بالغ أفطر ، وإلا فهو مرتب على المضمضة ، وأولى بالإفطار ، لأنه غير مأمور به .
قلت : المختار في المرة الرابعة ، الجزم بالإفطار كالمبالغة ، لأنها منهي عنها . ولو
جعل الماء في فمه لا لغرض ، فسبق ، فقيل : يفطر . وقيل بالقولين .
ولو أصبح ولم ينو صوما ، فتمضمض ولم يبالغ ، فسبق الماء إلى جوفه ثم نوى صوم تطوع ، صح على الأصح .
قال
القاضي حسين في " فتاويه " : إن قلنا : هذا السبق لا يفطر ، صح ، وإلا ، فلا . قال : والأصح : الصحة في الموضعين . والله أعلم .