فصل
في شروط الصوم .
وهي أربعة .
الأول :
النقاء من الحيض والنفاس ، فلا يصح صوم الحائض ولا النفساء .
الثاني :
الإسلام ، فلا يصح
صوم كافر أصليا كان أو مرتدا ، ويعتبر الشرطان في جميع النهار . فلو طرأ الحيض أو ردة ، بطل صومه .
[ ص: 366 ] والثالث :
العقل ، فلا يصح صوم المجنون . فلو
جن في أثناء النهار ، بطل صومه على المذهب . وقيل : هو كالإغماء . ولو نام جميع النهار ، صح صومه على الصحيح المعروف .
وقال
أبو الطيب بن سلمة ،
والإصطخري : لا يصح صومه .
ولو
نوى من الليل ، ثم أغمي عليه ، فالمذهب : أنه إن كان مفيقا في جزء من النهار ، صح صومه ، وإلا ، فلا ، وهذا هو المنصوص في " المختصر " في باب الصيام .
وفيه قول : أنه تشترط الإفاقة من أول النهار . وفي قول : يبطل بالإغماء ولو لحظة في النهار كالحيض ، ومنهم من أنكر هذا القول .
وفي قول مخرج : أنه لا يبطل بالإغماء وإن استغرق كالنوم .
وفي قول خرجه
ابن سريج : تشترط الإفاقة في طرف النهار ، ومنهم من قطع بالمذهب ، ومنهم من قطع بالقول الثاني . ولو
نوى بالليل ، ثم شرب دواء فزال عقله نهارا ، فقال في " التهذيب " إن قلنا : لا يصح
الصوم في الإغماء ، فهنا أولى ، وإلا فوجهان . والأصح : أنه لا يصح ، لأنه بفعله .
قال في " التتمة " : ولو
شرب المسكر ليلا وبقي سكره جميع النهار ، لزمه القضاء ، وإن صحا في بعضه ، فهو كالإغماء في بعض النهار . وأما الغفلة ، فلا أثر لها في الصوم بالاتفاق .
الشرط الرابع : الوقت قابل للصوم . وأيام السنة كلها - غير
يومي العيدين ،
وأيام التشريق ،
ويوم الشك - قابلة للصوم مطلقا . فأما يوما العيدين ، فلا يقبلانه . وأما أيام التشريق ، فلا تقبل على الجديد . وقال في القديم : يجوز للمتمتع ، وللعادم للهدي ، صومها عن الثلاثة الواجبة في الحج . فعلى هذا ، هل يجوز لغير المتمتع صومها ؟ وجهان . الصحيح وبه قال الأكثرون : لا يجوز .
قلت : وإذا جوزنا لغير المتمتع ، فهو مختص بصوم له سبب من واجب أو نفل . فأما ما لا سبب له ، فلا يجوز عند الجمهور ممن ذكر هذا الوجه وقال إمام الحرمين : هو كيوم الشك ، وهذا القديم هو الراجح دليلا ، وإن كان مرجوحا عند الأصحاب . والله أعلم .
[ ص: 367 ] وأما يوم الشك ، فلا يصح صومه عن رمضان ، ويجوز صومه عن قضاء ، أو نذر ، أو كفارة . ويجوز إذا وافق وردا صومه تطوعا بلا كراهة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب : يكره صومه عما عليه
[ من ] فرض . قال
ابن الصباغ : هذا خلاف القياس ، لأنه إذا لم يكره فيه ما له سبب من التطوع ، فالفرض أولى .
ويحرم أن يصوم فيه تطوعا لا سبب له ، فإن صامه ، لم يصح على الأصح . وإن نذر صومه ، ففي صحة نذره هذان الوجهان .
فإن صححنا ، فليصم يوما غيره ، فإن صامه ، خرج عن نذره .
ويوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان ، إذا وقع في الألسن أنه رئي ولم يقل عدل : أنا رأيته ، أو قاله ، ولم يقبل الواحد ، أو قاله عدد من النساء أو العبيد أو الفساق وظن صدقهم .
وأما إذا لم يتحدث برؤيته أحد ، فليس بيوم شك ، سواء كانت السماء مصحية ، أو طبق الغيم ، هذا هو الصحيح المعروف .
وفي وجه
لأبي محمد البافي - بالباء الموحدة وبالفاء - إن كانت السماء مصحية ولم ير الهلال ، فهو شك . وفي وجه
لأبي طاهر : يوم الشك : ما تردد بين الجائزين من غير ترجيح ، فإن شهد عبد ، أو صبي ، أو امرأة ، فقد ترجح أحد الجانبين ، فليس بشك . ولو كان في السماء قطع سحاب يمكن أن يرى الهلال من خللها ، وأن يخفى تحتها ولم يتحدث برؤيته .
فقال
الشيخ أبو محمد : هو يوم شك . وقال غيره : ليس بشك . وقال إمام الحرمين : إن كان في بلد يستقل أهله بطلب الهلال ، فليس بشك ، وإن كانوا في سفر ، ولم تبعد رؤية أهل القرى ، فيحتمل أن يجعل يوم الشك .
قلت : الأصح : ليس بشك . والله أعلم .