باب
بيان
وجوه الإحرام وما يتعلق بها
اتفقوا على جواز إفراد الحج عن العمرة ، والتمتع ، والقران . وأفضلها : الإفراد ، ثم التمتع ، ثم القران ، هذا هو المذهب ، والمنصوص في عامة كتبه . وفي قول : التمتع أفضل ، ثم الإفراد . وحكي قول : أن الأفضل : الإفراد ، ثم القران ، ثم التمتع . وقال
المزني ،
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=11817وأبو إسحاق المروزي : أفضلها : القران . فأما
الإفراد ، فمن صوره أن يحرم بالحج وحده ويفرغ منه ، ثم يحرم بالعمرة . وسيأتي باقي صوره إن شاء الله تعالى في شروط التمتع . ثم تفضيل الإفراد على التمتع والقران ، شرطه أن يعتمر تلك السنة . فلو أخر العمرة عن سنته ، فكل [ واحد ] من التمتع والقران أفضل منه ، لأن تأخير العمرة عن سنة الحج مكروه .
وأما
القران ، فصورته الأصلية أن يحرم بالحج والعمرة معا . فتندرج أفعال العمرة في أعمال الحج ، ويتحد الميقات والفعل . ولو أحرم بالعمرة ، ثم أدخل
[ ص: 45 ] عليها الحج نظر إن أدخله في غير أشهر الحج لغا إدخاله ولم يتغير إحرامه بالعمرة . وإن أدخله في أشهره نظر إن كان أحرم بالعمرة قبل أشهر الحج ، ففي صحة إدخاله وجهان . أحدهما ، وهو اختيار الشيخ
أبي علي ، وحكاه عن عامة الأصحاب : لا يصح الإدخال ؛ لأنه يؤدي إلى صحة الإحرام بالحج قبل أشهره . والثاني : يصح ، وهو اختيار
القفال ، وبه قطع صاحب " الشامل " وغيره ؛ لأنه إنما يصير محرما بالحج وقت إدخاله ، وهو وقت صالح للحج .
قلت : هذا الثاني أصح . - والله أعلم - .
وإن أحرم بالعمرة في أشهر الحج ، ثم أدخله عليها في أشهره ، فإن لم يكن شرع في طوافها ، صح وصار قارنا ، وإلا لم يصح إدخاله . وفي علة عدم الصحة ، أربعة معان .
أحدها : لأنه اشتغل بعمل من أعمال العمرة . والثاني : لأنه أتى بفرض من فروضها . والثالث : لأنه أتى بمعظم أفعالها . والرابع : لأنه أخذ في التحلل ، وهذا هو الذي ذكره
أبو بكر الفارسي في " عيون المسائل " . وحيث جوزنا الإدخال عليها ، فذاك إذا كانت عمرة صحيحة . فإن أفسدها ، ثم أدخل عليها الحج ، ففيه خلاف سيأتي إن شاء الله تعالى . أما لو أحرم بالحج في وقته ، ثم أدخل عليه العمرة ، فقولان . القديم : أنه يصح ، ويصير قارنا . والجديد : لا يصح . فإذا قلنا بالقديم ، فإلى متى يجوز الإدخال ؟ فيه أربعة أوجه مفرعة على المعاني السابقة . أحدها : يجوز ما لم يشرع في طواف القدوم . وقال في " التهذيب " : هذا أصحها .
والثاني : يجوز بعد طواف القدوم ما لم يشرع في السعي أو غيره من فروض الحج ، قاله
الخضري . والثالث : يجوز وإن اشتغل بفرض ما لم يقف
بعرفة . فعلى هذا ، لو كان سعى ، فعليه إعادة السعي ليقع عن النسكين جميعا ، كذا قاله الشيخ
أبو علي . والرابع : يجوز ، وإن وقف ما لم يشتغل
[ ص: 46 ] بشيء من أسباب التحلل من الرمي وغيره . وعلى هذا لو كان سعى ، فعلى قياس ما ذكره الشيخ
أبو علي : وجوب إعادته . وحكى الإمام فيه وجهين ، وقال : المذهب أنه لا يجب .
فرع
يجب على القارن دم كدم التمتع ، وحكى
الحناطي قولا قديما : أنه يجب بدنة .