[ ص: 113 ] فرع
في بيان ما يرمى
شرطه
كونه حجرا ، فيجزئ المرمر ، والبرام ، والكذان ، وسائر أنواع الحجر . ويجزئ حجر النورة قبل أن يطبخ ويصير نورة . وأما حجر الحديد ، فتردد فيه
الشيخ أبو محمد . والمذهب : جوازه ؛ لأنه حجر في الحال إلا أن فيه حديدا كامنا يستخرج بالعلاج وفي ما تتخذ منه الفصوص ، كالفيروزج ، والياقوت ، والعقيق ، والزمرد ، والبلور ، والزبرجد وجهان . أصحهما : الإجزاء ؛ لأنها أحجار . ولا يجزئ اللؤلؤ ، وما ليس بحجر من طبقات الأرض ، كالنورة ، والزرنيخ ، والإثمد ، والمدر ، والجص ، والجواهر المنطبعة كالتبرين وغيرهما . والسنة أن
يرمي بمثل حصى الخذف ، وهو دون الأنملة طولا وعرضا في قدر الباقلاء ، يضعه على بطن الإبهام ، ويرميه برأس السبابة . ولو رمى بأصغر من ذلك ، أو أكبر ، كره وأجزأه . ويستحب أن يكون الحجر طاهرا .
قلت : جزم الإمام
الرفاعي [ رحمه الله ] ، بأن يرميه على هيئة الخذف فيضعه على بطن الإبهام ، وهذا وجه ضعيف . والصحيح المختار : أن يرميه على [ غير ] هيئة الخذف . - والله أعلم - .
فرع
في
حقيقة الرمي
الواجب ، ما يقع عليه اسم الرمي . فلو وضع الحجر في المرمى ، لم يعتد
[ ص: 114 ] به على الصحيح . ويشترط
قصد المرمى . فلو رمى في الهواء فوقع في المرمى ، لم يعتد به . ولا يشترط بقاء الحجر في المرمى ، فلا يضر تدحرجه وخروجه بعد الوقوع ، لكن ينبغي أن يقع فيه . فإن شك في وقوعه فيه ، فقولان . الجديد : لا يجزئه . ولا يشترط كون الرامي خارج الجمرة . فلو وقف في الطرف ، ورمى إلى الطرف الآخر جاز . ولو
انصدمت الحصاة المرمية بالأرض خارج الجمرة ، أو بمحمل في الطريق ، أو عنق بعير ، أو ثوب إنسان ، ثم ارتدت فوقعت في المرمى ، اعتد بها ، لحصولها في المرمى بفعله من غير معاونة .
ولو
حرك صاحب المحمل المحمل فنفضها ، أو صاحب الثوب ، أو تحرك البعير فدفعها فوقعت في المرمى لم يعتد بها . ولو
وقعت على المحمل أو عنق البعير ، ثم تدحرجت إلى المرمى ، ففي الاعتداد بها وجهان . لعل أشبههما المنع ، لاحتمال تأثرها به . ولو
وقعت في غير المرمى ثم تدحرجت إلى المرمى أو ردتها الريح إليه ، فوجهان . قال في " التهذيب " : أصحهما : الإجزاء لحصولها فيه لا بفعل غيره . ولا يجزئ الرمي عن القوس ، ولا الدفع بالرجل .
ويستحب أن يرمي الحصيات في سبع دفعات . فلو رمى حصاتين أو سبعا دفعة ، فإن وقعن في الرمي معا ، حسبت واحدة فقط ، وإن ترتبت في الوقوع حسبت واحدة على الصحيح . ولو أتبع حجرا حجرا ، ووقعت الأولى قبل الثانية ، فرميتان . وإن تساوتا ، أو وقعت الثانية قبل الأولى ، فرميتان على الأصح . ولو
رمى بحجر قد رمى به غيره ، أو رمى هو به إلى جمرة أخرى ، أو إلى هذه الجمرة في يوم آخر ، جاز . وإن رمى به هو تلك الجمرة في ذلك اليوم ، فوجهان . أصحهما : الجواز ، كما لو دفع إلى فقير مدا في كفارة ، ثم اشتراه ودفعه إلى آخر ، وعلى هذا تتأدى جميع الرميات بحصاة واحدة .
[ ص: 115 ] فرع
العاجز عن الرمي بنفسه لمرض أو حبس ، يستنيب من يرمي عنه . ويستحب أن يناول النائب الحصى إن قدر ، ويكبر هو . وإنما تجوز
النيابة لعاجز بعلة لا يرجى زوالها قبل خروج وقت الرمي ، ولا يمنع الزوال بعده .
ولا يصح رمي النائب عن المستنيب إلا بعد رميه عن نفسه ، فلو خالف وقع عن نفسه كأصل الحج . ولو
أغمي عليه ولم يأذن لغيره في الرمي عنه ، لم يجز الرمي عنه . وإن أذن ، جاز الرمي عنه على الصحيح .
قلت : شرطه أن يكون أذن قبل الإغماء في حال تصح الاستنابة فيه صرح به
الماوردي وآخرون ، ونقله
الروياني عن الأصحاب . - والله أعلم - .
وإذا
رمى النائب ، ثم زال عذر المستنيب والوقت باق ، فالمذهب : أنه ليس عليه إعادة الرمي ، وبهذا قطع الأكثرون . وفي " التهذيب " : أنه على القولين فيما إذا حج المعضوب عن نفسه ثم برئ .
فصل
ثم إذا فرغ الحاج من رمي اليوم الثالث من أيام التشريق ، استحب أن يأتي
المحصب ، فينزل به ويصلي فيه الظهر والعصر والمغرب والعشاء ويبيت به ليلة الرابع عشر . ولو ترك النزول به ، فلا شيء عليه . وحد المحصب : ما بين الجبلين إلى المقبرة .