فصل
صيد حرم مكة حرام على المحرم والحلال . وبيان المحرم منه وما يجب به الجزاء وقدر الجزاء ، يقاس بما سبق في صيد الإحرام . ولو أدخل حلال
الحرم صيدا مملوكا ، كان له إمساكه وذبحه والتصرف فيه كيف شاء كالنعم ؛ لأنه صيد حل . ولو
رمى من الحل صيدا في الحرم ، أو من الحرم صيدا في الحل ، أو أرسل كلبا في الصورتين ، أو رمى صيدا بعضه في الحل وبعضه في
الحرم - والاعتبار بقوائمه لا بالرأس - أو رمى حلال إلى صيد فأحرم قبل أن يصيبه ، أو رمى محرم إليه ، فتحلل قبل أن يصيبه ، لزمه الضمان في كل ذلك .
قلت : هذا الذي ذكره ، فيما إذا كان بعضه في
الحرم ، هو الأصح . وذكر
الجرجاني في المعاياة فيه ثلاثة أوجه . أحدها : لا يضمنه ؛ لأنه لم يكمل حرميا . والثاني : إن كان أكثره في
الحرم ، ضمنه ، وإن كان أكثره في الحل ، فلا . والثالث : إن كان خارجا من
الحرم إلى الحل ، ضمنه ، وإن كان عكسه ، فلا . والله أعلم .
[ ص: 164 ] ولو رمى من الحل صيدا في الحل ، فقطع السهم في مروره هواء
الحرم ، فوجهان : أحدهما : لا يضمن ، كما لو أرسل كلبا في الحل على صيد في الحل ، فتخطى طرف
الحرم ، فإنه لا يضمن . وأصحهما : يضمن ، بخلاف الكلب ؛ لأن للكلب اختيارا ، بخلاف السهم .
ولهذا قال الأصحاب : لو
رمى صيدا في الحل فعدا الصيد ، فدخل الحرم ، فأصابه السهم ، وجب الضمان . وبمثله ، لو أرسل كلبا ، لا يجب . ولو رمى صيدا في الحل فلم يصبه ، وأصاب صيدا في
الحرم ، وجب الضمان . وبمثله لو أرسل كلبا ، لا يجب . ثم في مسألة إرسال الكلب وتخطيه طرف
الحرم ، إنما لا يجب الضمان إذا كان للصيد مفر آخر . فأما إذا تعين دخوله الحرم عند الهرب ، فيجب الضمان قطعا ، سواء كان المرسل عالما بالحال ، أو جاهلا ، غير أنه لا يأثم الجاهل .
فرع
لو
أخذ حمامة في الحل ، أو أتلفها ، فهلك فرخها في الحرم ، ضمنه ، ولا يضمنها . ولو أخذ الحمامة من
الحرم ، أو قتلها ، فهلك فرخها في الحل ، ضمن الحمامة والفرخ جميعا ، كما لو رمى من
الحرم إلى الحل . ولو نفر صيدا حرميا ، عامدا ، أو غير عامد ، تعرض للضمان . حتى لو مات بسبب التنفير بصدمة ، أو أخذ سبع ، لزمه الضمان . وكذا لو دخل الحل فقتله حلال ، فعلى المنفر الضمان . بخلاف ما لو قتله محرم ، فإن الجزاء عليه ، تقديما للمباشرة .
[ ص: 165 ] فرع
لو
دخل الكافر الحرم ، وقتل صيدا ، لزمه الضمان . وقال صاحب " المهذب " : يحتمل أن لا يلزمه .