فصل
في بيان
زمان إراقة الدماء ومكانها
أما الزمان : فالدماء الواجبة في الإحرام لارتكاب محظور أو ترك مأمور ، لا تختص بزمان ، بل تجوز في يوم النحر وغيره . وإنما تختص بيوم النحر والتشريق الضحايا ، ثم ما سوى دم الفوات يراق في النسك الذي هو فيه . وأما دم الفوات ، فيجوز تأخيره إلى سنة القضاء . وهل تجوز إراقته في سنة الفوات ؟ قولان :
[ ص: 187 ] أظهرهما : لا ، بل يجب تأخيره إلى سنة القضاء . والثاني ، نعم ، كدماء الإفساد . فعلى هذا ، وقت الوجوب سنة الفوات . وإن قلنا بالأظهر ، ففي وقت الوجوب وجهان : أصحهما : وقته إذا أحرم بالقضاء ، كما يجب دم التمتع بالإحرام بالحج . ولهذا نقول : لو
ذبح قبل تحلله من الفائت ، لم يجزه على الصحيح كما لو
ذبح المتمتع قبل الفراغ من العمرة ، هذا إذا كفر بالدم ، أما إذا كفر بالصوم ، فإن قلنا : وقت الوجوب أن يحرم بالقضاء ، لم يقدم صوم الثلاثة على القضاء ، ويصوم السبعة إذا رجع ، وإن قلنا : تجب بالفوات ، ففي جواز صوم الثلاثة في حجة الفوات وجهان : ووجه المنع : أنه إحرام ناقص .
وأما المكان ،
فالدماء الواجبة على المحرم ضربان . واجب على المحصر بالإحصار ، أو بفعل محظور . وقد سبق بيانه في الإحصار . وواجب على غيره ، فيختص
بالحرم ، ويجب
تفريق لحمه على مساكين الحرم ، سواء الغرباء الطارئون والمستوطنون ، لكن الصرف إلى المستوطنين أفضل . وهل يختص ذبحه
بالحرم ؟ قولان : أظهرهما : نعم . فلو ذبح في طرف الحل ، لم يجزه . والثاني : يجوز ذبحه خارج
الحرم ، بشرط أن ينقل ويفرق في
الحرم قبل تغير اللحم ، وسواء في هذا كله دم التمتع والقران ، وسائر ما يجب بسبب في الحل أو الحرم ، أو بسبب مباح ، كالحلق للأدنى ، أو بسبب محرم . وفي القديم قولان . ما أنشئ بسببه في الحل ، يجوز ذبحه وتفرقته في الحل ، كدم الإحصار . وفي وجه : ما وجب بسبب مباح ، لا يختص ذبحه وتفرقته
بالحرم . ووجه : أنه لو
حلق قبل وصوله الحرم وذبح وفرق حيث حلق ، جاز . وكل هذا شاذ ضعيف .
وأفضل الحرم للذبح في حق الحاج ،
منى . وفي
حق المعتمر ،
المروة ، لأنهما محل تحللهما . وكذا حكم ما يسوقانه من الهدي .
[ ص: 188 ] قلت : قال
القاضي حسين في " الفتاوى " : ولو
لم يجد في الحرم مسكينا ، لم يجز نقل الدم إلى موضع آخر ، سواء جوزنا نقل الزكاة ، أم لا ؛ لأنه وجب لمساكين الحرم ، كمن نذر الصدقة على مساكين بلد فلم يجدهم ، يصبر إلى أن يجدهم ، ولا يجوز نقلها ، ويخالف الزكاة على قول ؛ لأنه ليس فيها نص صريح بتخصيص البلد ، بها ، بخلاف هذا . والله أعلم .
فرع
لو كان
يتصدق بالإطعام بدلا عن الذبح ، وجب تخصيصه بمساكين الحرم ، بخلاف الصوم ، يأتي به حيث شاء ، إذ لا غرض للمساكين فيه .
قلت : قال صاحب " البحر " : أقل ما يجزئ أن يدفع الواجب إلى ثلاثة من مساكين الحرم إن قدر . فإن دفع إلى اثنين مع قدرته على ثالث ، ضمن . وفي قدر الضمان ، وجهان : أحدهما : الثلث ، والثاني : أقل ما يقع عليه الاسم ، وتلزمه النية عند التفرقة ، قال : فإن فرق الطعام ، فهل يتعين لكل مسكين مد كالكفارة ، أم لا ؟ وجهان : الأصح : لا يتقيد ، بل تجوز الزيادة على مد ، والنقص منه . والثاني : لا يجوز أقل منه ولا أكثر . والله أعلم .
فرع
لو
ذبح الهدي في الحرم ، فسرق منه ، لم يجزئه عما في ذمته ، وعليه إعادة الذبح ، وله شراء اللحم والتصدق به بدل الذبح . وفي وجه ضعيف : يكفيه التصدق بالقيمة .
[ ص: 189 ] فصل
الأيام المعلومات : هن العشر الأول من ذي الحجة ، آخرها يوم النحر .
والأيام المعدودات : أيام التشريق .