الباب الثاني في حال الاضطرار
فيه مسائل :
إحداها :
للمضطر إذا لم يجد حلالا ، أكل المحرمات : كالميتة ، والدم ، ولحم الخنزير ، وما في معناها . والأصح : وجوب أكلها عليه ، كما يجب دفع الهلاك بأكل الحلال . والثاني : يباح فقط .
الثانية : في حد الضرورة ، لا خلاف أن الجوع القوي لا يكفي لتناول الحرام ، ولا خلاف أنه لا يجب الامتناع إلى أن يشرف على الموت ، فإن الأكل حينئذ لا ينفع . ولو انتهى إلى تلك الحالة ، لم يحل له الأكل ، فإنه غير مفيد . ولا خلاف في الحل إذا كان يخاف على نفسه لو لم يأكل من جوع أو ضعف عن المشي أو الركوب ، وينقطع عن رفقته ويضيع ، ونحو ذلك . فلو خاف حدوث مرض مخيف جنسه ، فهو كخوف الموت . وإن خاف طول المرض ، فكذلك على الأصح أو الأظهر . ولو عيل صبره وجهده الجوع فهل يحل له المحرم ، أم لا يحل حتى يصل إلى أدنى الرمق ؟ قولان :
قلت : أظهرهما : الحل . والله أعلم .
ولا يشترط فيما يخاف منه تيقن وقوعه لو لم يأكل ، بل يكفي غلبة الظن .
[ ص: 283 ] الثالثة : يباح للمضطر أن
يأكل من المحرم ما يسد الرمق قطعا ، ولا تحل الزيادة على الشبع قطعا . وفي حل الشبع ، ثلاثة أقوال . ثالثها : إن كان قريبا من العمران لم يحل ، وإلا فيحل . ورجح
القفال وكثير من الأصحاب المنع . ورجح صاحب " الإفصاح "
nindex.php?page=showalam&ids=14396والروياني وغيره الحل . هكذا أطلق الخلاف أكثرهم . وفصل الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=14847والغزالي تفصيلا حاصله : إن كان في بادية وخاف إن ترك الشبع لا يقطعها ويهلك وجب القطع بأنه يشبع . وإن كان في بلد وتوقع الطعام الحلال قبل عود الضرورة ، وجب القطع بالاقتصار على سد الرمق . وإن كان لا يظهر حصول طعام حلال ، وأمكنه الرجوع إلى الحرام مرة بعد أخرى ، إن لم يجد الحلال ، فهو موضع الخلاف .
قلت : هذا التفصيل ، هو الراجح . والأصح من الخلاف : الاقتصار على سد الرمق . والله أعلم .
الرابعة : يجوز له
التزود من الميتة إن لم يرج الوصول إلى الحلال . وإن رجاه ، قال في " التهذيب " وغيره : يحرم . وعن
القفال : أن من حمل الميتة من غير ضرورة ، لم يمنع ما لم يتلوث بالنجاسة . وهذا يقتضي جواز التزود عند الضرورة وأولى .
قلت : الأصح : جواز التزود إذا رجا . والله أعلم .
الخامسة : إذا جوزنا الشبع ،
فأكل ما سد رمقه ، ثم وجد لقمة حلالا ، لم يجز أن يأكل من المحرم حتى يأكلها ، فإذا أكلها هل له الإتمام إلى الشبع ؟ وجهان : وجه المنع : أنه باللقمة عاد إلى المنع ، فيحتاج إلى عود الضرورة .
قلت : الأصح الجواز . والله أعلم .
السادسة : لو
لم يجد المضطر إلا طعام غيره وهو غائب أو ممتنع من البذل ، [ ص: 284 ] فهل يقتصر على سد الرمق ، أم له الشبع ؟ فيه طرق أصحها : طرد الخلاف كالميتة . والثاني : له الشبع قطعا . والثالث : ليس له قطعا . السابعة : المحرم الذي يضطر إلى تناوله قسمان ، مسكر وغيره ، فيباح جميعه ما لم يكن فيه إتلاف معصوم ، فيجوز للمضطر قتل الحربي والمرتد وأكله قطعا . وكذا الزاني المحصن ، والمحارب ، وتارك الصلاة على الأصح فيهم . ولو كان له قصاص على غيره ، ووجده في حالة اضطرار ، فله قتله قصاصا وأكله ، وإن لم يحضره السلطان . وأما المرأة الحربية وصبيان أهل الحرب ، ففي " التهذيب " : أنه لا يجوز قتلهم للأكل وجوزه الإمام ،
nindex.php?page=showalam&ids=14847والغزالي ، لأنهم ليسوا بمعصومين . والمنع من قتلهم ، ليس لحرمة أرواحهم ، ولهذا لا كفارة فيهم .
قلت : الأصح : قول الإمام . والله أعلم .
والذمي ، والمعاهد ، والمستأمن ، معصومون ، فيحرم أكلهم . ولا يجوز للوالد
قتل ولده للأكل ، ولا للسيد قتل عبده . ولو لم يجد إلا آدميا معصوما ميتا ، فالصحيح حل أكله ، قال الشيخ
إبراهيم المروذي : إلا إذا كان الميت نبيا ، فلا يجوز قطعا . قال في " الحاوي " : فإذا جوزنا ، لا يأكل منه إلا ما يسد الرمق ؛ حفظا للحرمتين . قال : وليس له طبخه وشيه ، بل يأكله نيئا ؛ لأن الضرورة تندفع بذلك ، وطبخه هتك لحرمته ، فلا يجوز الإقدام عليه ، بخلاف سائر الميتات ، فإن للمضطر أكلها نيئة ومطبوخة . ولو
كان المضطر ذميا ، والميت مسلما ، فهل له أكله ؟ حكى فيه صاحب " التهذيب " وجهين :
قلت : القياس : تحريمه . والله أعلم .
ولو
وجد ميتة ولحم آدمي ، أكل الميتة وإن كانت لحم خنزير . وإن وجد المحرم صيدا ولحم آدمي أكل الصيد . ولو
أراد المضطر أن يقطع قطعة [ ص: 285 ] من فخذه أو غيرها ليأكلها ، فإن كان الخوف منه كالخوف في ترك الأكل أو أشد حرم ، وإلا جاز على الأصح بشرط أن لا يجد غيره . فإن وجد حرم قطعا . ولا يجوز أن يقطع لنفسه من معصوم غيره قطعا ، ولا للغير أن يقطع من نفسه للمضطر .
القسم الثاني : المسكر ، والمذهب عند جمهور الأصحاب : أنه لا يحل شرب الخمر لا للتداوي ولا للعطش ، وقيل : يجوز لهما . وقيل لهذا دون ذاك ، وقيل : بالعكس . فإذا جوزنا للعطش ، فوجد خمرا وبولا شرب البول ؛ لأن تحريمه أخف . كما لو
وجد بولا وماء نجسا ، شرب الماء ، لأن نجاسته طارئة . وما سوى المسكر من النجاسات ، يجوز التداوي به كله على الصحيح المعروف . وقيل : لا يجوز . وقيل : لا يجوز إلا بأبوال الإبل . وفي جواز التبخر بالدن الذي فيه خمر وجهان بسبب دخانه .
قلت : الأصح : الجواز ؛ لأنه ليس دخان نفس النجاسة . والله أعلم .
الثامنة : إذا
وجد المضطر طعاما حلالا لغيره فله حالان .
أحدهما : أن يكون مالكه حاضرا . فإن كان مضطرا إليه ، فهو أولى به ، وليس للأول أخذه منه إذا لم يفضل عن حاجته ، إلا أن يكون نبيا ، فإنه يجب على المالك بذله [ له ] ، فإن آثر المالك غيره على نفسه ، فقد أحسن . قال الله تعالى : (
ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ) . وإنما يؤثر على نفسه مسلما . فأما الكافر فلا يؤثره حربيا كان أو ذميا ، وكذا لا يؤثر بهيمة على نفسه . وإن لم يكن المالك مضطرا لزمه إطعام المضطر مسلما كان أو ذميا أو مستأمنا وكذا لو كان يحتاج إليه في ثاني الحال على الأصح . وللمضطر أن يأخذه قهرا أو يقاتله عليه وإن أتى القتال على نفس المالك فلا ضمان فيه . وإن قتل المالك المضطر في الدفع عن طعامه ، لزمه القصاص . وإن منعه الطعام فمات جوعا فلا ضمان . قال في " الحاوي " : ولو قيل : يضمن كان مذهبا . وهل القدر الذي يجب على
[ ص: 286 ] المالك بذله ، ويجوز للمضطر أخذه قهرا والقتال [ عليه ] ما يسد الرمق ، أم قدر الشبع ؟ فيه قولان بناء على القولين في الحلال من الميتة ، وهل يجب على المضطر الأخذ قهرا والقتال ؟ فيه خلاف مرتب على الخلاف في وجوب الأكل من الميتة ، وأولى بأن لا يجب .
قلت : المذهب : لا يجب القتال ، كما لا يجب دفع الصائل وأولى . والله أعلم .
وخصص صاحب " التهذيب " الخلاف بما إذا لم يكن عليه خوف في الأخذ قهرا . قال : فإن كان لم يجب قطعا .
فرع
حيث أوجبنا على المالك بذله للمضطر ، ففي " الحاوي " وجه : أنه يلزمه بذله مجانا ، ولا يلزم المضطر شيء ، كما يأكل الميتة بلا شيء . والمذهب : أنه لا يلزمه البذل إلا بعوض ، وبهذا قطع الجمهور . وفرقوا بينه وبين ما إذا خلص مشرفا على الهلاك بالوقوع في ماء أو نار ، فإنه لا تثبت أجرة المثل ؛ لأن هناك يلزمه التخليص ، ولا يجوز التأخير إلى تقرير الأجرة ، وهنا بخلافه ، وسوى القاضي
أبو الطيب وغيره بينهما ، فقالوا : إن احتمل الحال هناك موافقته على أجرة يبذلها أو يلتزمها لم يلزم تخليصه حتى يلتزمها كما في المضطر . وإن لم يحتمل حال التأخير في صورة المضطر ، فأطعمه لم يلزمه العوض ، فلا فرق بينهما . ثم إن
بذل المالك طعامه مجانا لزمه قبوله ، ويأكله إلى أن يشبع ، فإن بذله بالعوض نظر إن لم يقدر العوض لزم المضطر قيمة ما أكل في ذلك المكان والزمان ، وله أن يشبع ، وإن قدره ، فإن لم يفرد ما يأكله فالحكم كذلك . وإن أفرده فإن كان المقدر ثمن المثل ، فالبيع صحيح ، وللمضطر ما فضل عن الأكل .
وإن كان
[ ص: 287 ] أكثر والتزمه ، ففيما يلزمه أوجه : أقيسها وهو الأصح عند القاضي
أبي الطيب : يلزمه المسمى ؛ لأنه التزمه بعقد لازم . وأصحها عند
الروياني : لا يلزمه إلا ثمن المثل في ذلك الزمان والمكان ؛ لأنه كالمكره . والثالث وهو اختيار صاحب " الحاوي " : إن كانت الزيادة لا تشق على المضطر ليساره لزمته وإلا فلا . قال أصحابنا : وينبغي للمضطر أن يحتال في أخذه منه ببيع فاسد ؛ ليكون الواجب القيمة قطعا ، وقد يفهم من كلامهم القطع بصحة البيع ، وأن الخلاف فيما يلزم ثمنا . لكن الوجه جعل الخلاف في صحة العقد لمعنى الإكراه ، وأن المضطر هل هو مكره أم لا ؟ وفي تعليق الشيخ
أبي حامد ما يبين ذلك . وقد صرح به الإمام ، فقال : الشراء بالثمن الغالي للضرورة ، هل يجعله مكروها حتى لا يصح الشراء ؟ وجهان أقيسهما : صحة البيع . قال : وكذا المصادر من جهة السلطان الظالم إذا باع ماله للضرورة ، ولدفع الأذى الذي يناله . والأصح : صحة البيع ؛ لأنه لا إكراه على البيع ، ومقصود الظالم تحصيل المال من أي جهة كان ، وبهذا قطع الشيخ
إبراهيم المروذي ، واحتج به لوجه لزوم المسمى في مسألة المضطر .
فرع
متى
باع المالك بثمن المثل ومع المضطر مال ، لزمه شراؤه ، وصرف ما معه إلى الثمن ، حتى لو كان معه إزار فقط ، لزمه صرفه إليه إن لم يخف الهلاك بالبرد ، ويصلي عاريا ؛ لأن كشف العورة أخف من أكل الميتة . ولهذا يجوز أخذ الطعام قهرا ، ولا يجوز أخذ ساتر العورة قهرا وإن لم يكن معه مال ، لزمه التزامه في ذمته ، سواء كان له مال في موضع آخر أم لا . ويلزم المالك في هذا الحال البيع نسيئة .
[ ص: 288 ] فرع
ليس
للمضطر الأخذ قهرا إذا بذل المالك بثمن المثل . فإن طلب أكثر ، فله أن لا يقبل ويأخذه قهرا ويقاتله عليه . فإن اشتراه بالزيادة مع إمكان أخذه قهرا فهو مختار في الالتزام ، فيلزمه المسمى بلا خلاف . والخلاف السابق إنما هو فيمن عجز عن الأخذ قهرا .
فرع
لو
أطعمه المالك ولم يصرح بالإباحة ، فالأصح : أنه لا عوض عليه ، ويحمل على المسامحة المعتادة في الطعام . ولو اختلفا فقال : أطعمتك بعوض فقال : بل مجانا ، فهل يصدق المالك لأنه أعرف بدفعه ، أم المضطر لبراءة ذمته ؟ وجهان . أصحهما : الأول . ولو
أوجر المالك المضطر قهرا ، أو أوجره وهو مغمى عليه ، فهل يستحق القيمة ؟ وجهان . أحسنهما : يستحق ؛ لأنه خلصه من الهلاك ، كمن عفا عن القصاص ، ولما فيه من التحريض على مثل ذلك .
فرع
كما يجب
بذل المال لإبقاء الآدمي المعصوم ، يجب بذله لإبقاء البهيمة المحترمة ، وإن كان ملكا للغير . ولا يجب البذل للحربي ، والمرتد ، والكلب العقور . ولو كان لرجل كلب غير عقور جائع وشاة ، لزمه ذبح الشاة لإطعام الكلب . قال في " التهذيب " : وله أن يأكل من لحمها ، لأنها ذبحت للأكل .
[ ص: 289 ] الحال الثاني : أن يكون المالك غائبا ، فيجوز للمضطر أكل طعامه ويغرم له القيمة . وفي وجوب الأكل وقدر المأكول ما سبق من الخلاف . وإن كان الطعام لصبي أو مجنون ، والولي غائب فكذلك . وإن كان حاضرا فهو في مالهما ككامل الحال في ماله ، وهذه إحدى الصور التي يجوز فيها بيع مال الصبي نسيئة .
المسألة التاسعة : إذا
وجد المضطر ميتة ، وطعام الغير وهو غائب ، فثلاثة أوجه ، ويقال : أقوال ، أصحها : يجب أكل الميتة . والثاني : الطعام . والثالث : يتخير بينهما ، وأشار الإمام إلى أن هذا الخلاف مأخوذ من الخلاف في اجتماع حق الله تعالى وحق الآدمي . وإن كان صاحب الطعام حاضرا ، فإن بذله بلا عوض ، أو بثمن مثله ، أو بزيادة يتغابن الناس بمثلها ومعه ثمنه ، أو رضي بذمته لزمه القبول . وإن لم يبعه إلا بزيادة كبيرة ، فالمذهب الذي قطع به العراقيون والطبريون وغيرهم : أنه لا يلزمه شراؤه ، لكن يستحب ، وإذا لم يلزمه الشراء فهو كما لو لم يبذله أصلا . وإذا لم يبذله ، لا يقاتله عليه المضطر إن خاف من المقاتلة على نفسه ، أو خاف إهلاك المالك في المقاتلة ، بل يعدل إلى الميتة . وإن كان لا يخاف لضعف المالك وسهولة دفعه ، فهو على الخلاف المذكور فيما إذا كان غائبا . وقال في " التهذيب " : يشتريه بالثمن الغالي ، ولا يأكل الميتة . ثم يجيء الخلاف في أنه يلزمه المسمى ، أو ثمن المثل ؟ قال : وإذا لم يبذل أصلا ، وقلنا : طعام الغير أولى من الميتة ، يجوز أن يقال : يقاتله ويأخذه قهرا .
العاشرة : لو
اضطر محرم ولم يجد إلا صيدا ، فله ذبحه وأكله ، ويلزمه الفدية . وإن وجد صيدا وميتة ، فالمذهب : أنه يلزمه أكل الميتة . وفي قول : الصيد . وفي قول أو وجه : يتخير . وقيل : يأكل الميتة قطعا . ولو وجد المحرم لحم صيد ذبح وميتة ، فإن ذبحه حلال لنفسه ، فهذا مضطر وجد ميتة ، وطعام الغير ، وإن ذبحه هذا المحرم قبل إحرامه ، فهو واجد طعاما حلالا لنفسه ،
[ ص: 290 ] فليس مضطرا . وإن ذبحه في الإحرام ، أو ذبحه محرم آخر ، فأوجه . أصحها : يتخير بينهما . والثاني : تتعين الميتة . والثالث : الصيد . ولو
وجد المحرم صيدا ، وطعام الغير ، فهل يتعين الصيد ، أم الطعام ، أم يتخير ؟ فيه ثلاثة أوجه ، أو أقوال ، سواء جعلنا الصيد الذي يذبحه المحرم ميتة أم لا . وإن
وجد صيدا ، وميتة ، وطعام الغير ، فسبعة أوجه : أصحها : تتعين الميتة . والثاني : الطعام . والثالث : الصيد . والرابع : يتخير بينها . والخامس : يتخير بين الطعام والميتة . والسادس : يتخير بين الصيد والميتة . والسابع : يتخير بين الصيد والطعام .
فرع
إذا
لم نجعل ما ذبحه المحرم من الصيد ميتة ، فهل على المضطر قيمة ما يأكل منه ؟ وجهان ، بناء على القولين في أن المحرم هل يستقر ملكه على الصيد ؟
الحادية عشرة : لو وجد ميتتين ، إحداهما من جنس المأكول ، دون الأخرى أو إحداهما طاهرة في الحياة دون الأخرى كشاة وحمار أو كلب فهل يتخير بينهما ، أم تتعين الشاة ؟ وجهان :
قلت : ينبغي أن يكون الراجح ترك الكلب ، والتخيير بين الباقي . والله أعلم .
الثانية عشرة : ليس
للعاصي بسفره أكل الميتة حتى يتوب على الصحيح . وسبق بيانه في صلاة المسافر .
الثالثة عشرة : نص
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه : أن
المريض إذا وجد مع غيره طعاما يضره ويزيد في مرضه ، جاز له تركه وأكل الميتة ، ويلزم مثله لو كان الطعام له . وعد هذا من أنواع الضرورة ، وكذا التداوي كما سبق . وسبق أيضا في أول الكتاب ، بيان الانتفاع بالنجاسات . ولو تنجس الخف .
[ ص: 291 ] بخرزه بشعر الخنزير ، فغسل سبعا إحداهن بتراب ، طهر ظاهره دون باطنه ، وهو موضع الخرز . وقيل : كان الشيخ
أبو زيد يصلي في الخف النوافل دون الفرائض ، فراجعه
القفال فيه ، فقال : الأمر إذا ضاق اتسع ، أشار إلى كثرة النوافل .
قلت : بل الظاهر أنه أراد أن هذا القدر مما تعم به البلوى ، ويتعذر أو يشق الاحتراز منه ، فعفي عنه مطلقا . وإنما كان لا يصلي فيه الفريضة احتياطا لها ، وإلا فمقتضى قوله العفو فيهما . ولا فرق بين الفريضة والنفل في اجتناب النجاسة ، ومما يدل على صحة ما تأولته ، أن
القفال قال في شرحه " التلخيص " : سألت
أبا زيد عن الخف يخرز بشعر الخنزير ، هل تجوز الصلاة فيه ؟ فقال : الأمر إذا ضاق اتسع ، قال
القفال : مراده أن بالناس حاجة إلى الخرز به ، فللضرورة جوزنا ذلك . والله أعلم .