الأمر الثالث :
صلاحية المعقود عليه ، فيعتبر في المبيع لصحة بيعه ، خمسة شروط :
أحدها :
الطهارة ، فالنجس ضربان ، نجس العين ، ونجس بعارض . فالأول : لا يصح بيعه ، فمنه الكلب ، والخنزير ، وما تولد من أحدهما ، وسواء الكلب المعلم وغيره ، ومنه الميتة ، وسرجين جميع البهائم ، والبول ، ويجوز
بيع الفيلج وفي باطنه الدود الميت ؛ لأن بقاءه من مصالحه ، كالنجاسة في جوف الحيوان .
قلت : الفيلج - بالفاء - وهو القز . ويجوز بيعه وفيه الدود ، سواء كان ميتا أو حيا ، وسواء باعه وزنا ، أو جزافا ، صرح به القاضي
حسين في فتاويه . والله أعلم .
وفي
بيع بزر القز وفأرة المسك ، وجهان بناء على طهارتهما .
الضرب الثاني : قسمان :
أحدهما : متنجس يمكن تطهيره ، كالثوب ،
[ ص: 351 ] والخشبة ، والآجر ، فيجوز بيعها ؛ لأن جوهرها طاهر . فإن استتر شيء من ذلك بالنجاسة الواردة ، خرج على بيع الغائب . والثاني :
ما لا يمكن تطهيره ، كالخل ، واللبن ، والدبس ، إذا تنجست ، فلا يجوز بيعها . وأما الدهن ، فإن كان نجس العين ، كودك الميتة ، لم يصح بيعه بحال . وإن نجس بعارض ، فهل يمكن تطهيره ؟ وجهان . أصحهما : لا . فعلى هذا ، لا يصح بيعه كالبول . والثاني : يمكن . فعلى هذا ، في صحة بيعه وجهان . أصحهما : لا يصح ، هذا ترتيب الأصحاب . وقيل : إن قلنا : يمكن تطهيره ، جاز بيعه ، وإلا ، فوجهان .
قلت : هذا الترتيب غلط ظاهر ، وإن كان قد جزم به في الوسيط . وكيف يصح بيع ما لا يمكن تطهيره ؟ قال
المتولي : في
بيع الصبغ النجس طريقان .
أحدهما : كالزيت . والثاني : لا يصح قطعا ؛ لأنه لا يمكن تطهيره ، وإنما يصبغ به الثوب ثم يغسل . والله أعلم .
وفي
بيع الماء النجس ، وجهان ، كالدهن إذا قلنا : يمكن طهارته ؛ لأن تطهير الماء ممكن بالمكاثرة . وأشار بعضهم إلى الجزم بالمنع ، وقال : إنه ليس بتطهير ، بل يستحيل ببلوغه قلتين من صفة النجاسة إلى الطهارة ، كالخمر تتخلل . ويجوز نقل الدهن النجس إلى الغير بالوصية ، كالكلب . وأما هبته والصدقة به ، فعن القاضي
أبي الطيب : منعهما . ويشبه أن يكون فيهما ما في هبة الكلب من الخلاف .
قلت : ينبغي أن يقطع بصحة الصدقة به للاستصباح ونحوه . وقد جزم
المتولي ، بأنه يجوز نقل اليد فيه بالوصية وغيرها . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رضي الله عنه - في " المختصر " : لا يجوز
اقتناء الكلب إلا لصيد ، أو ماشية ، أو زرع ، وما في معناها ، هذا نصه . واتفق الأصحاب على جواز اقتنائه لهذه الثلاثة ، وعلى اقتنائه لتعليم الصيد ونحوه ،
[ ص: 352 ] والأصح : جواز اقتنائه لحفظ الدور والدروب وتربية الجرو لذلك ، وتحريم اقتنائه قبل شراء الماشية والزرع . وكذا كلب الصيد لمن لا يصيد . ويجوز
اقتناء السرجين ، وتربية الزرع به ، لكن يكره . واقتناء الخمر مذكور في كتاب الرهن . والله أعلم .