الركن الرابع :
النية . فلا بد منها ، فإن نوى رفع الحدث ، أو نوى الجنب رفع الجنابة ، لم يصح تيممه على الصحيح . وإن نوى استباحة الصلاة ، فله أربعة أحوال .
أحدها : أن ينوي استباحة الفرض والنفل معا ، فيستبيحهما ، وله التنفل قبل الفريضة وبعدها في الوقت وبعده ، وفي وجه ضعيف : لا يتنفل بعد الوقت إن كانت الفريضة معينة . ولا يشترط تعيين الفريضة على الأصح . فعلى هذا لو نوى الفرض مطلقا ، صلى أية فريضة شاء . ولو نوى معينة ، فله أن يصلي غيرها .
الحال الثاني : أن ينوي الفريضة ، سواء كانت إحدى الخمس ، أو منذورة ولا تخطر له النافلة ، فتباح الفريضة . وكذا النافلة قبلها على الأظهر ، وبعدها على
[ ص: 111 ] المذهب في الوقت ، وكذا بعده على الأصح . ولو تيمم لفائتتين ، أو منذورتين ، استباح إحداهما على الأصح . وعلى الثاني : لا يستبيح شيئا . ولو تيمم لفائتة فلم يكن عليه شيء . أو لفائتة الظهر ، فكانت العصر ، لم تصح .
قلت : فلو ظن عليه فائتة ، ولم يجزم بها ، فتيمم لها ، ثم ذكرها ، قال
المتولي والبغوي nindex.php?page=showalam&ids=14396والروياني : لا يصح . وصححه
الشاشي ، وهو ضعيف . والله أعلم .
الحال الثالث : أن ينوي النفل ، فلا يستبيح به الفرض على المشهور . وقيل : قطعا . فإن أبحناه ، فالنفل أولى ، وإلا استباح النفل على الصحيح . ولو نوى مس المصحف ، أو سجود التلاوة ، أو الشكر ، أو نوى الجنب الاعتكاف ، أو قراءة القرآن ، فهو كنية النفل ، فلا يستبيح الفرض على المذهب . ويستبيح ما نوى على الصحيح . وعلى الآخر يستبيح الجميع . ولو تيمم لصلاة الجنازة ، فهو كنية النفل على الأصح . ولو تيممت منقطعة الحيض لاستباحة الوطء ، صح على الأصح ، ويكون كالتيمم للنافلة .
الحال الرابع : أن ينوي الصلاة فحسب ، فله حكم التيمم للنفل على الأصح . وعلى الثاني : هو كمن نوى النفل والفرض معا . أما إذا نوى فرض التيمم ، أو إقامة التيمم المفروض ، فلا يصح على الأصح .
قلت : ولو نوى التيمم وحده ، لم يصح قطعا . ذكره
الماوردي . ولو
تيمم بنية استباحة الصلاة ، ظانا أن حدثه أصغر ، فكان أكبر ، أو عكسه ، صح قطعا ، لأن موجبهما واحد . ولو تعمد ذلك ، لم يصح في الأصح . ذكره
المتولي . ولو أجنب في سفره ونسي ، وكان يتيمم وقتا ، ويتوضأ وقتا ، أعاد صلوات الوضوء فقط ، لما ذكرنا . والله أعلم .
واعلم أنه لا يجوز أن تتأخر النية عن أول فعل مفروض في التيمم .
[ ص: 112 ] وأول أفعاله المفروضة نقل التراب . ولو قارنته وعزبت قبل مسح شيء من الوجه ، لم يجزئه على الأصح . ولو تقدمت على أول فعل مفروض ، فهو كمثله في الوضوء .